كشفت الوكالة العلمية لمجلس الشيوخ الأمريكي عام 2008 أن أسعار الكهرباء الناتجة من محطات طاقة نووية جديدة ستكون أعلى كلفة من كل المحطات المنافسة، غاز وفحم، حتى التي ينبعث منها غاز ثاني أكسيد الكربون منخفض القيمة، باستثناء محطات الطاقة الشمسية التي تتراجع أسعارها بشكل سريع في الولايات المتحدة.
على الرغم من الحوافز الحكومية الأمريكية لبناء محطات نووية جديدة تتمثل في، إعانات مالية كتمويل سخي بنسبة 80% لأول 8 مفاعلات، واعفاءات ضريبية، خفض تكاليف التراخيص المطلوبة، تقليل مسئولية الشركات المصنعة في حالة وقوع حوادث، مستثمرين من فرنسا واليابان لخفض أعباء التمويل أيضاً.. رغم كل ذلك طلب مصنعي المفاعلات النووية رفع أسعار المحطات المنافسة من خلال ضريبة ثاني أكسيد الكربون. رغم كل ذلك فالمحطات العاملة بالغاز مناسبة أكثر بحسب تحليلات مجلس الشيوخ الأمريكي.. التكنولوجيا النووية، وأي تكنولوجيا أخرى تحتاج كل هذا القدر من المساعدات الحكومية.. تعتبر ميتة اقتصادياً.
تجدر الإشارة إلى أن المحطة النووية الفنلندية أولكيلوتو 3، مفاعل الماء المضغوط الأوروبي، يعود السعي لتنفيذها لأن استهلاك المواطن الفنلندي ضعفي استهلاك المواطن الأوروبي من الكهرباء. لوبي جماعة الضغط وراءها يسعى لتقليل الاعتماد على الغاز الروسي وشروطه السياسية، ويريد أيضاً القيام بجهد في حماية المناخ في إطار معاهدة كيوتو. الشركة المالكة للمحطة مملوكة للقطاع العام شركة "تيوليسودن ويما اوي" لها مصلحة في القول أن ائتلاف شركة اريفا/ سيمنز المسئوله عن البناء والتشغيل سيحقق (اسطورة) أن الطاقة النووية جديرة بالاستثمار في سوق طاقة حر.
مرة أخرى الشركتين الفرنسية والألمانية، التي تبنيان المحطة الفنلندية، مدعومتان من حكومة فرنسا بضمان تصدير مالي 610 مليون يورو، وبنك ألماني أعطى فوائد ميسرة، حوالي 2.6%، بقيمة 1.95 مليار يورو.. لولا الدعم المالي لما اتخذ قرار الاستثمار في محطة طاقة نووية جديدة.
عالمياً مصنعي المفاعلات النووية لا يمكنهم منح قروض أو لا يريدون ذلك، المفاعل المصري ليس استثناء من هذا السياق، سيقومون بجذب رأس مال مغامر بتكلفة أعلى. إذاً سيتعين على المصريون عند بناء المفاعل النووي تحمل تكلفة عالية لرأس المال + تكلفة الإنشاء + تكلفة التشغيل + تكلفة التأمين على بعض العمليات التشغيلية لا كامل التشغيل + كلفة الوقود + تكلفة التخلص من النفايات + تكلفة تكهين المحطة بعد نهاية عمر التشغيل + تفكيك المحطة بعد فترة سكون تمتد لسنوات طويلة.
كل هذه عقبات عند تمويل محطة طاقة نووية جديدة مع سريان اقتصاد السوق الحر بمصر بعد عشر سنوات من الأن، عقب بدء العمل بقانون الكهرباء الجديد. سيكون من غير المجدي اقتصادياً تشغيل محطات طاقة نووية ستكون بالخدمة وقتها حسب أكثر التقديرات الفنية مصداقية شرط البدء في بنائها منذ الأمس!
قديماً كان باستطاعة المستثمرين في محطات نووية وفي ظل احتكار الدولة لبيع تيار كهربائي ضمان رأسمالهم عند البناء والتشغيل حتى مع أداء المفاعل بشكل سئ. حالياً في ظل اقتصاد السوق الحر فالطاقة النووية استثماراتها الأولية فادحة، ودورة رأس المال تمتد لعقود، مما لا يتناسب مع السوق الحر. أضف لهذا تكاليف رأس المال تتفاقم عند المقارنة بمحطات الغاز من حيث البناء والتشغيل وكلفة الوقود.. هنا نرى أن المحطات النووية عملياً واقتصادياً بلا أمل هذا بدون الأخذ في الاعتبار الانخفاض الحاد في تكنولوجيات الطاقات المتجددة.
السؤال المائة والحادي والتسعون: هل تدخل مصر إلى العصر النووي والعديد من دول العالم تخرج منه؟ لماذا؟
السؤال المائة والثاني والتسعون: السوق الحر للطاقة الذي تتجه إليه مصر مع صدور قانون الكهرباء الجديد، قريباً جداً، سيجعل الاستثمار في الطاقة النووية خياراً سيئاً.. من المسئول؟
السؤال المائة والثالث والتسعون: الدعم الحكومي لإقامة محطات نووية، تتعدد أشكاله وأساليبه، ألا يعني هذا أن التكنولوجيا النووية غير قادرة على المنافسة وبالتالي ستكون عبئاً على الدولة والمستهلك.. لماذا؟ كيف؟
السؤال المائة والرابع والتسعون: هل قام ملتقى الخبراء المصريون والروس المنتهي قبل أيام بدراسة التجارب البارزة حول العالم للعبرة والعظة أم أن القرار السياسي يلغي الاعتبارات الاقتصادية والمالية.. لصالح من؟ ولماذا؟
السؤال المائة والخامس والتسعون: تنويع مصادر الطاقة، مزيج الطاقة، يجب أن يكون تحت سقف استقلال واستغلال الموارد المحلية.. لماذا نتجاهل هذه الحقيقة الاقتصادية؟
السؤال المائة والسادس والتسعون: مفاعلات الماء المضغوط، التي سيكون المفاعل المصري احداها، غير مجربة دولياً على نطاق واسع.. الترويج باسمها خداع للرأي العام.. صح أم خطأ؟
السؤال المائة والسابع والتسعون: السياسيين ورجال الإعلام مع أم ضد الطاقة النووية أم معها بشروط ولماذا؟
السؤال المائة والثامن والتسعون: يتحدثون عن التكاليف الباهظة للطاقة المتجددة ويصمتون عند الحديث عن التكاليف الفادحة الغير محسوبة للمفاعلات النووية.. لماذا؟ ما المصلحة هنا؟
السؤال المائة والتاسع والتسعون: متوسط بناء المفاعل 8 سنوات عالمياً في الدول المتقدمة، 6 سنوات في الصين مثال على الاقتصاد الحكومي، خبراء مصريون يتحدثون عن 5 سنوات.. من يحاسب من؟
السؤال المائتين: اللجوء الى المحكمة الدستورية العليا لابطال قرار الحكومة، حال صدوره، لأنه مخالف للدستور في مادتين على الأقل.. من يبادر؟ ويدعم؟ ويفوز بالسبق الوطني؟
تعقيب واجب:
الأسبوع القادم رسالة مفتوحة لله و الحرية و... المجتمع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق