الاثنين، 8 يونيو 2015

سوق الطاقة المتجددة يواجه احتمالات التعثر .. بثبات



كتب : محمد السيد درويش


خلال الأسابيع الماضية منذ أخر متابعة لتطورات أسواق الطاقات المتجددة بمصر، برزت عدة معطيات تلقي بدلالات هامة على مستقبل سوق الطاقة المتجددة محلياً. قدمت وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة مسودة اتفاق شراء الطاقة المتجددة من الشركات المؤهلة وطلبت منهم تقديم مقترحاتهم وتعديلاتهم على المسودة المعروضة. من المتوقع وقبل نهاية الشهر الحالي وحسب تصريحات رئيس هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة د. محمد السبكي تقديم الاتفاق النهائي لشراء الطاقة المتجددة والبدء في تنفيذ المشروعات المتفق عليها. علماً بأن بعض دوائر السوق تشير إلى توقيع شركتين من الشركات المؤهلة على مسودة الاتفاق PPA، حتى قبل تقديم الملاحظات المطلوبة والتعديلات المقترحة، وهذه أخبار غير مؤكدة.
 التأخير في تقديم اتفاق شراء الطاقة المتجددة والبدء في تنفيذ المشاريع المقررة ألقى بظلال من الاحباط على احتمالات انطلاق سوق الطاقة المتجددة في مصر، وتزايدت مخاوف المستثمرين لغموض إجراءات تنفيذ عقد الشراء، وخصوصاً ما يتعلق بتحويل عوائدهم المالية الدولارية للخارج، والضمانات الحكومية ذات الصلة.
من المعروف أن التحويلات ستكون مقسمة إلى سعري صرف، سعر الصرف الأول عند توقيع العقد  بنسبة 15% من قيمة التحويل، وباقي النسبة  85 % بسعر التحويل الساري يوم تنفيذ أمر التحويل مستقبلاً. هذه النقطة غير واضح بدرجة كافية آليات التنفيذ على الرغم من أن اتفاقية شراء الطاقة المتجددة، PPA تناولتها.
 مسودة الاتفاقية قدمتها وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة بسعر 5000 دولار، خلال الحلقات القادمة سنتناولها بالتفصيل والشرح والتعقيب، تعميماً للفائدة وتحقيقاً لهدف تقاريرنا الدورية في تحقيق الشفافية والنضج لسوق الطاقة المتجددة الوليد.
  
زادت ظلال الاحباط لدى الشركات والمستثمرين المحتملين مع توقيع الصفقة المصرية الألمانية مع شركة سيمينز، Siemens لبناء محطات تولد 14400 ميجا وات، محطات تقليدية تعمل بالغاز الطبيعي مما يعني أكثر من نصف الطاقة المولدة حالياً، ستقوم الصفقة المشار إليها بتوفيرها مما سيحد من الطلب على محطات الطاقات المتجددة وبالتالي سيناريوهات الاستثمار في السوق المصري الناشئ.
  
نفس الصفقة تضمنت الاشارة إلى توليد 2000 ميجا وات من محطات الرياح، وهنا حدث تضارب بين تصريحات رسمية لوزير الكهرباء والطاقة المتجددة د. محمد شاكر المرقبي، وتصريحات رئيس شركة سيمينز ببرلين والمتعلقة بمحطات الرياح. وزير الكهرباء تحدث عن مصنع لانتاج ريش توربينات الرياح بقيمة 2 مليار يورو ولانتاج توربينات تحقق أكثر من 2000 ميجا وات على مدار سبع سنوات، بقيمة 340 ميجا وات سنوياً. في حين رئيس الشركة الألمانية تحدث عن 12 محطة لتوليد الطاقة الكهربائية باستخدام طاقة الرياح وبقيمة 2000 ميجا وات، وبقيمة مادية تبلغ 2 مليار يورو.
 تضارب التصريحات الرسمية والألمانية بخصوص توربينات مزارع الرياح، وما إذا كان لتوليد الطاقة أم لأنتاج وتصنيع التوربينات المولدة للطاقة، تعطي مؤشراً سلبياً على توجهات الحكومة، وتكشف عن ملابسات الاتفاق مع الشركة الألمانية الأكبر في تاريخها.
  
أحد التفسيرات تشير إلى رغبة المصنع الألماني إلى الظهور بمظهر المهتم باعطاء دفعة لمشاريع الطاقات المتجددة المصرية حالياً، وفي نفس الوقت تنفيذ المشاريع الأضخم في تاريخه لإنتاج الكهرباء بالوقود التقليدي والناضب والمكلف نظراً لاستيراده، وفتح الباب للتعاون مع شركات مصنعة مصرية محلياً.
  
جدير بالذكر أن المشاريع البالغة 14400 ميجا وات بقيمة 6 مليار يورو، سيستغرق بناؤها 38 شهر، بعد الاتفاق على التمويل واستلام الدفعات المقدمة قبل التنفيذ. مما يعني أن الطفرة المتوقعة في إنتاج الكهرباء التقليدية ستصطدم بعقبة التمويل المتاح وحدوده وشروطه وتوقيتاته. بنفس منطق بعض الدوائر العاملة بوزارة الكهرباء والطاقة المتجددة كل كيلو وات/ ساعة منتج من الطاقة التقليدية سيكون على حساب فرص إنتاجه والطلب عليه من مصادر طاقة متجددة، نقول بطء تنفيذ مشاريع المحطات التقليدية المتعاقد عليها، وهذا ما لا نتمناه، تضع سوق الطاقة المتجددة، وسوق الطاقة عموماً في مواجهة احتمالات نمو مفتوحة وغير معروفة منذ الأن.
* صحفي متخصص في شئون الطاقة والمياه
مؤسس الشبكة المصرية للطاقات المتجددة والمياه


ليست هناك تعليقات: