اتفقت مصر وإثيوبيا والسودان على وضع اللمسات النهائية على اتفاق
لملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي، عقب قمة طارئة لزعماء الدول الثلاث، لعب فيها
الاتحاد الإفريقي دور الوسيط يوم الجمعة 26 يونيو الماضي.
اجتمعت الفرق الفنية للدول الثلاث
في منتصف يونيو الجاري في محاولة للتوصل إلى اتفاق شامل، ولكن المحادثات اختتمت
دون اتفاق بشأن العديد من القضايا الرئيسية، من بينها بروتوكولات مُلزمة قانونًا
للحد من الجفاف، وآلية لحل النزاعات.
قالت «أديس
أبابا» مرارًا إنها ستبدأ في ملء خزان السد في منتصف يوليو المقبل، سواء توصلت إلى
اتفاق شامل أم لا. وجاء الاجتماع الاستثنائي يوم الجمعة قبل أيام فقط من موعد
اجتماع مجلس الأمن الدولي لمناقشة نزاع سد النهضة اليوم، الإثنين. وكانت «القاهرة»
تقدمت بشكوى أمام المجلس، في خطوة دبلوماسية أخيرة، تهدف إلى منع إثيوبيا من ملء
السد دون اتفاق.
تصاعدت التوترات بين «القاهرة»
و«أديس أبابا» منذ عام 2011، عندما أعلنت إثيوبيا عن خطط لبناء السد الضخم، تمنحها
دفعة قوية لتوليد الكهرباء للاستهلاك المحلي والتصدير، ولكن على حساب مخاوف مصر
بشأن ندرة المياه.
تحدثنا مع ويليام دافيسون، كبير
مُحللي شؤون إثيوبيا في مجموعة الأزمات الدولية حول خلفية النزاع، والعوامل التقنية
والسياسية المؤثرة فيه، والمقترحات الخاصة بسبل الخروج من مسار يبدو أنه مسدود.
أجاب دافيسون كتابةً عن مجموعة
من الأسئلة التي طرحتها عليه «مدى مصر».
مدى مصر: في تصريحات يوم
الجمعة، قالت كلا من مصر والسودان إن الدول الثلاث اتفقت على أن «أديس أبابا»
ستؤجل ملء السد النهضة لحين التوصل إلى اتفاق شامل. بالمقابل، قالت إثيوبيا في
بيان لها، إنه من المقرر أن تبدأ في ملء السد خلال الأسبوعين المقبلين، مؤكدة أن
الدول الثلاث وافقت فقط على التوصل إلى اتفاق نهائي خلال هذا الإطار الزمني. هل
يمكنك شرح تضارب البيانات، وما تم الاتفاق عليه بالضبط، وماذا يعني هذا التطور
الجديد؟
وليام دافيسون: بادئ ذي بدء،
استئناف المحادثات التقنية الثلاثية حول ملء وقواعد تشغيل سد النهضة وإشراك
الاتحاد الإفريقي فيها هي تطورات موضع ترحيب شديد. أفضل طريقة لمحاولة حل القضايا
الرئيسية الثلاث المعلقة -الوضع القانوني لأي اتفاق، وطريقة إدارة فترة جفاف
طويلة، وكيفية حل النزاعات المستقبلية- تكون من خلال محادثات أكثر مباشرة، بدلًا
من التصعيد الدبلوماسي. لذلك، من المناسب أن ييسير الاتحاد الإفريقي الآن
المناقشات، إذ يجب استنفاد الجهود الإقليمية قبل أن يتولى مجلس الأمن الدولي
العملية.
ومع ذلك،
هناك بالفعل اختلافات كبيرة في تفسير ما تم الاتفاق عليه بالضبط يوم الجمعة، فيما
يتعلق بسياسة ملء السد. ربما يرجع السبب إلى أن رئيس الوزراء الإثيوبي، أبي أحمد،
تعهد بعدم بدء الملء خلال المرحلة المقبلة من المحادثات على مدى الأسبوعين
المقبلين. فيما اتفق الجميع على ضرورة التوصل إلى اتفاق خلال هذه الفترة الزمنية
نفسها. يبدو أن مصر والسودان تمسكتا بهاتين النقطتين -أن يتم التوصل إلى اتفاق في
جولة المحادثات التالية، وأن إثيوبيا تعهدت بعدم الملء خلال تلك الفترة- واعتبرتا ذلك
بمثابة وعد إثيوبي بعدم البدء في ملء السد لحين التوصل إلى اتفاق. لكن الأمور زادت
تعقيدًا بسبب البيان الذي صدر يوم السبت من مكتب أبي أحمد، والذي جاء فيه: «من
المقرر أن تبدأ إثيوبيا في ملء سد النهضة خلال الأسبوعين المقبلين». أعتقد أنه
ينبغي تجاهل ذلك، وأن الموقف الإثيوبي هو أن الملء سيبدأ في الواقع بعد أسبوعين من
المحادثات. ومع ذلك، على الرغم من كل الارتباك بشأن هذه المسألة الهامة، فإن الأمر
الواضح هو أن هذا النقاش المُربك بشأن خطط الملء الإثيوبية يجب ألا يُسمح له بمنع
المفاوضات المقبلة من التركيز على حل النزاعات الأساسية العالقة، والمذكورة أعلاه.
مدى مصر: فشلت المحادثات
المتجددة بين مصر وإثيوبيا والسودان في وقت سابق من هذا الشهر في تحقيق اتفاق شامل
بشأن السد مرة أخرى. تدعي مصر أنها تتفاوض بحسن نية وتتهم إثيوبيا بالتصرف من جانب
واحد. وتتهم إثيوبيا مصر بالإصرار على الحفاظ على حقوق الحقبة الاستعمارية في مياه
النيل. من منهما على حق؟
وليام دافيسون: البلدان على حق
-إلى حد ما.
إذا تراجعنا خطوة إلى الوراء، يمكن
أن نستوعب مخاوف مصر نظرًا لاعتمادها الشديد على النيل، كما أن إحساس إثيوبيا
بالظلم أمر مفهوم كذلك، بالنظر إلى أن معاهدة 1959 الثنائية تمنح مصر والسودان
حقوقًا حصرية في استخدام مياه النيل. ولهذا للمضي قدمًا، ستكون هناك حاجة إلى
التفهم من كلا الجانبين للتوصل لشرعية مصالح الطرف الآخر.
وبشكل أكثر تحديدًا، تفسر إثيوبيا
بعض المطالب المصرية للإفراج عن المياه من خزان سد النهضة على أنها محاولات من
القاهرة لتأمين حصتها المزعومة الحالية من مياه النيل، والتي نشأت عن معاهدة 1959،
خاصة عندما يتعلق الأمر بتدابير التخفيف أثناء سنوات الجفاف الطويلة، وهو ما رفضته
إثيوبيا في فبراير الماضي.
تبدو إثيوبيا على استعداد لاستخدام
بعض المياه المخزنة في خزان السد لمساعدة دولتي المصب خلال سنوات الجفاف، إلا أنها
ليست مستعدة للتوصل إلى اتفاق يصل إلى حد تخصيص حصص المياه (أي ما تعتبره إثيوبيا
أي ترتيب من شأنه “إلزامها” بحصة مياه لدولتي المصب من أجل تعويض السنوات التي لا
يفي فيها مخزون سد النهضة بالحد الأدنى لإطلاق المياه)، أو السحب من مخزون السد
إلى مستوى يؤثر دون داع على إنتاج الكهرباء، ولا يترك للسد سوى مخزون مؤقت صغير
فوق الحد الأدنى لمستوى التشغيل. تعتقد «أديس أبابا» أن أي جفاف يجب أن يخفف أيضًا
من المياه المخزنة في السدود السودانية والسد العالي في أسوان، وليس فقط من خلال
خزان سد النهضة.
سعت مصر جاهدة للتوصل إلى اتفاق
وقدمت تنازلات ملحوظة على مر السنين، لكنها لم تحصل على مردود لمساعيها من أجل
التوصل إلى توافق في الآراء، فرفعت الأمر إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ما
أثار اتهامات إثيوبية لمصر بسوء النية.
الادعاء بأن
إثيوبيا تعمل بشكل أحادي هو ادعاء صحيح، ولكن يتم تفسيره بشكل مختلف تمامًا من
جانب كل دولة من الدولتين: ترى إثيوبيا أن لها الحق في تطوير مواردها المائية
الخاصة، ومن بينها تحديد موعد البدء في ملء خزان السد. موقف أديس أبابا العام هو
أنها ملتزمة بإعلان المبادئ لعام 2015 (اتفاق بين مصر وإثيوبيا والسودان حول إعلان مبادئ بخصوص مشروع سد
النهضة الإثيوبى فى 23 من شهر مارس 2015)، بشأن سد النهضة، وبالمبادئ القانونية الدولية بشأن
«الاستخدام المعقول والمنصف» للأنهار العابرة للحدود، وعدم التسبب في «ضرر جسيم»
لدول المصب. كما تقول إثيوبيا دومًا إنها لا تتصرف من جانب واحد أكثر مما فعلت مصر
عندما شيدت السد العالي في أسوان أو أكثر مما فعله السودان عند إقامة مشروعاته
للطاقة الكهرومائية.
إن الادعاء المصري بالأحادية
الإثيوبية غير المقبولة يستند أيضًا إلى «إعلان المبادئ»، وعلى المبادئ الدولية
نفسها. وتتمثل قراءتها في أن إثيوبيا تنتهك إعلان المبادئ، حيث يُلزم نصه الأطراف
بالموافقة على قواعد “الملء الأول”، وبالتالي لا ينبغي أن تبدأ إثيوبيا في حجز
المياه بدون اتفاق. وتقول مصر أيضًا إن فعل الملء هذا دون اتفاق يشكل خرقًا لمبدأ
«الضرر الجسيم». في حين أن اتفاق المبادئ يحتمل تفسيرات مختلفة، تشير سابقة
تاريخية إلى أن مجرد شروع إثيوبيا في الملء بدون التوصل إلى أي اتفاق لن يشكل
«ضررًا جسيمًا» على السودان ومصر.
مدى مصر: لماذا فشلت
المفاوضات بين الأطراف في التوصل إلى اتفاق على مدار سنوات؟
وليام دافيسون: بناء على
الجواب السابق، فإن أحد أسباب الجمود الحالي هو التفسيرات المختلفة لاتفاق
المبادئ، والذي كان اتفاقًا سياسيًا هيكليًا غامضًا، أكثر منه معاهدة قانونية
محكمة.
إن موقف إثيوبيا قائم على إعلان
المبادئ في 2015، وتقول إنها التزمت فقط بالموافقة على خطوط إرشادية وقواعد بشأن
التعبئة الأولى والتشغيل السنوي لسد النهضة، وأنها لم تلتزم باتفاقية قانونية
شاملة كاملة بشأن هذه المسألة. وعلاوة على ذلك، تشير إثيوبيا إلى بعض بنود اتفاق
المبادئ، التي تقول: «لمالك السد حق التعديل، من حين لآخر، في قواعد التشغيل السنوية،
ويمكن الاتفاق على الخطوط الإرشادية وقواعد التعبئة بالتوازي مع بناء سد النهضة»،
مؤكدة أن الملء هو جزء من البناء.
وكما ذكرت سابقًا، تعتقد مصر أن
اتفاق المبادئ يُلزم إثيوبيا بالتوصل لاتفاق بشأن الملء قبل الشروع فيه، وتقول إن
الفشل في ذلك سيكون مخالفًا لمبدأ «عدم التسبب في ضرر جسيم». تسعى مصر والسودان
إلى اتفاقية قانونية ملزمة بموجب القانون الدولي، إذ يقولان إن المصالح الوطنية
الحيوية على المحك ولا يمكنهما الاعتماد على النوايا الحسنة الإثيوبية لحمايتها.
وقد أدى رفض أديس أبابا الموافقة على هذا البند في الجولة الأخيرة من المحادثات
إلى تعزيز تصور مصر بأن شريكها لم يكن مهتمًا بالتوصل إلى اتفاق شامل.
ولكن وراء هذه التفسيرات المختلفة
لاتفاق المبادئ، هناك نقاش أكبر حول تقاسم المياه والاستخدام العادل للنيل، ما
يخلق أجواء شديدة التوتر، ويزيد من عدم الثقة، وبالتالي يجعل من الصعب التوصل إلى
اتفاق. لقد شرعت إثيوبيا في بناء سد النهضة بعد فشل دول المنبع في الاتفاق مع
السودان ومصر على النص الكامل لاتفاقية «الإطار التعاوني لدول حوض النيل».
وبالتالي، كان سد النهضة محاولة
إثيوبية لتأكيد حقوقها في النيل والتي تعتقد أن مصر تنكرها. من خلال خلق أمر واقع
عبر بناء سد النهضة، تأمل إثيوبيا في تشجيع السودان ومصر على إعادة النظر في
اتفاقية الإطار التعاوني لدول حوض النيل كوسيلة لتأمين احتياجاتهما المائية من
خلال عملية متعددة الأطراف. لذلك، فإن إثيوبيا ليست مستعدة لتقديم أي تنازلات بشأن
القضايا التي تعتقد أنه يجب معالجتها بموجب اتفاقية الإطار التعاوني لدول حوض
النيل، سواء فيما يتعلق بما تعتبره تقاسم المياه، أو الالتزام بتحكيم دولي ملزم
كآلية لتسوية المنازعات.
مدى مصر: في أبريل،
اقترحت إثيوبيا اتفاقية مؤقتة لتغطية أول سنتين من ملء خزان السد. رفضت «القاهرة»
الاقتراح، واتهمت أديس أبابا بمحاولة تأخير أي اتفاق شامل أثناء المضي قدمًا في
ملء خزان السد. هل تعتقد أن الاتفاقية المؤقتة لا تزال خيارًا قابلًا للتطبيق،
خاصة في ضوء السابقة التي سيحددها هذا النزاع لحوض النيل؟
وليام دافيسون: موقف مصر والسودان
الرافض لاتفاقية مؤقتة والإصرار على إبرام اتفاق شامل يغطي كل مخاوفهما، يجعل
النهج التدريجي خيارًا صعبًا سياسيًا في الوقت الراهن. كانت الاتفاقية التي تغطي
أول عامين من التعبئة دائمًا حلًا دون المستوى الأمثل وأصبحت جذابة فقط بسبب
المشاكل التي واجهت التوصل إلى اتفاق شامل بشأن قواعد التعبئة والتشغيل الخاصة بسد
النهضة. لقد وصلنا إلى هذا الوضع بعد أن رفضت إثيوبيا مشروع الاتفاق في فبراير،
وهو نفس الوضع مرة أخرى في الوقت الراهن مع بدء ملء الخزان، ما يضع عقبات وشيكة
وضخمة في سبيل التوصل إلى اتفاق شامل.
وكما جادلت «مجموعة الأزمات
الدولية»، فإن اتفاقية مؤقتة ستبني الثقة من خلال إضفاء الطابع المؤسسي على
التعاون، كما أنها ستمنح الفرصة لاستبعاد بروتوكولات التعامل مع فترات الجفاف
لفترات طويلة، والتي لن تكون مطلوبة على الأرجح إلا كل بضعة عقود، على كل حال.
ومع ذلك، تشعر مصر والسودان بالقلق
من أن مثل هذا النهج المجزأ يعني إعطاء المزيد من المُباركة لسد النهضة، دون
الحصول على الضمانات التي يريدانها بشأن المخاطر التي يخشيانها من المشروع. لكن أي
اتفاق مؤقت سيحتاج إلى آلية لحل النزاعات كجزء منه، وربما يمكن تضمين طرف ثالث في
الاتفاق لضمان وفاء إثيوبيا بمواصلة التفاوض بحسن نية بشأن القضايا العالقة.
مدى مصر: في 19 يونيو،
طلبت مصر رسميًا من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة التدخل وطالبت إثيوبيا
بالعودة إلى المحادثات، محذرة من أن ملء السد دون اتفاق «يشكل خطرًا واضحًا
وقائمًا على مصر» مع تداعيات «تهدد السلام والأمن الدوليين». كما بعث السودان
برسالة إلى المجلس في 24 يونيو، قال فيها إنه «قلق للغاية بشأن قرار إثيوبيا ببدء
الملء في ظل عدم وجود اتفاق»، وحث المجلس على «تثبيط» جميع الأطراف عن أي «إجراءات
أحادية». وبدورها إثيوبيا أرسلت رسالتها الخاصة إلى المجلس في 22 يونيو متهمة مصر
بمحاولة «ممارسة ضغوط سياسية ودبلوماسية غير مفيدة على إثيوبيا».
هل تعتقد أنه سيتم إحراز أي تقدم من خلال مجلس الأمن الدولي؟ وما رأيك في تدويل النزاع بشكل عام؟
هل تعتقد أنه سيتم إحراز أي تقدم من خلال مجلس الأمن الدولي؟ وما رأيك في تدويل النزاع بشكل عام؟
وليام دافيسون: عندما دعت مصر
لأول مرة مجلس الأمن إلى الانخراط في قضية سد النهضة، لم يعتقد معظم الدبلوماسيين
أن الأمر سيصل إلى حد بعيد على الإطلاق. المجلس، الذي يميل إلى التركيز على
النزاعات العسكرية، لا يتعامل عادة مع النزاعات حول حقوق المياه. ومع ذلك، نجحت
مصر في إقناع المجلس بمناقشة القضية، ويرجع الفضل في ذلك إلى حد كبير إلى دعم
الولايات المتحدة. ولكن من غير الواضح إلى أي مدى يمكن أن تستمر دبلوماسية المجلس.
لا يزال العديد من أعضاء المجلس حذرين من الانخراط بقوة في النزاع.
في حين نجحت مصر في استخدام
دبلوماسية الأمم المتحدة لتسليط الضوء على مخاوفها بشأن سد النهضة، فمن غير المرجح
أن تتدخل الأمم المتحدة في النزاع. لن ترغب الصين، التي تدخل بالفعل في نزاعات
بشأن حقوق المياه مع جيرانها، في إقامة سابقة تسمح للأمم المتحدة بالبت في مثل هذه
القضايا. عرض الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس دعم الأمم المتحدة
لإجراء مزيد من المحادثات حول سد النهضة، لكنه شدد على أن الأمم المتحدة يجب أن
تحاول استبدال الأطر القائمة للمحادثات. بشكل عام، أعتقد أن الأمم المتحدة ستشجع
جميع الأطراف على حل هذا النزاع، لكنها لن تستطيع التدخل لحله بنفسها.
علاوة على ذلك، فإن التدويل لم يثبت
نجاحه حتى الآن، خاصة في فبراير، عندما رفضت إثيوبيا مسودة الاتفاق التي انبثقت عن
المحادثات التي جرت برعاية الولايات المتحدة والبنك الدولي، زاعمة أنها كانت
محاولة لتأمين حصص المياه التي تطالب بها مصر والسودان من خلال مقترحات تخفيف
نوبات جفاف لمدة أربع سنوات. ومع ذلك، بما أن الأطراف كانت تتفاوض منذ سنوات
عديدة، وبما أن هذه مسألة ذات أهمية إقليمية ودولية، فمن المفهوم أن الجهات
الخارجية ستشارك بشكل متزايد. يمكن أن يساعدوا من خلال تقديم المشورة للأطراف حول
كيفية تقديم تنازلات حاسمة، وكذلك مشورة بشأن التكامل الاقتصادي الإقليمي على
المدى الطويل. وربما كان هذا هو هدف ضلوع الاتحاد الإفريقي بدور أكبر، لأن ذلك قد
يطمئن إثيوبيا وبالتالي يزيد من دوافعها لتقديم تنازلات. هناك أيضًا دور محتمل
للولايات المتحدة ودول الخليج العربي والاتحاد الأوروبي في تقديم المساعدة الفنية
والمالية، سواء على المدى القصير من أجل للتوصل إلى اتفاق رغم العقبات، أو التوصل
إلى حزمة اتفاقات أكثر طموحًا على المدى الطويل، مع تطور التعاون بين الأطراف بشأن
النيل.
في نهاية المطاف،
ليس من الواضح أن تدخل مجلس الأمن الحالية سيكون مفيد في تقريب الأطراف من بعضها
البعض، وبالتالي فمن المفيد أن يتدخل الاتحاد الإفريقي بقوة في هذه القضية. إن خطر
تقدم مصر بشكوى لمجلس الأمن الدولي يكمن في احتمالية زيادة عزم إثيوبيا على عدم
تقديم تنازلات والمضي قدمًا في الملء كما هو مخطط في يوليو، وهو أمر محتمل للغاية،
سواء كان هناك اتفاق أم لا.
مدى مصر: بعيدًا عن مجلس
الأمن، هل هناك طريقة للتغلب على هذا المأزق على المستوى الدولي؟ هل يمكنك شرح
الخلافات الرئيسية حول بروتوكولات تخفيف الجفاف وآلية حل النزاعات؟ وهل هناك
اقتراحات بديلة للتغلب عليها؟
وليام دافيسون: لم تتمكن
الأطراف من التوصل إلى اتفاقية بسبب غياب التوافق في الآراء حول الوضع القانوني
لأي اتفاقية، وكذلك بشأن التفاصيل النهائية لكيفية إدارة فترات الجفاف الطويلة،
وكيفية حل أي نزاعات مستقبلية. سيتعين علينا أن نرى ما إذا كانت العملية الجديدة
التي يدعمها الاتحاد الإفريقي ستنجح في تنشيط المفاوضات وخلق مساحة للتوصل لحل وسط
بشأن القضايا الفنية والقانونية.
في نهاية المطاف، ربما توافق «أديس
أبابا» على التوقيع على اتفاقية ملزمة بموجب القانون الدولي، إذا كانت مصر
والسودان على استعداد لإعطاء إثيوبيا مساحة أكبر لمراجعة الخطوط الإرشادية للتشغيل
مع تغير الظروف الهيدرولوجية، سواء كانت بسبب تغير المناخ أو إنشاء مشروعات تنموية
مستقبلية على النيل الأزرق الإثيوبي. القضية الرئيسية هنا هي ما إذا كانت إثيوبيا
يمكن أن تراجع القواعد من جانب واحد أم من خلال توافق الآراء فقط. كخيار توفيقي،
يمكن لطرف ثالث أو لجنة تسوية تقييم ما إذا كانت المراجعات التي تقترحها «أديس
أبابا» ضرورية ومعقولة.
قد يكون أحد سبل المضي قدمًا في
قضية الجفاف هو وضع تفاصيل عن كيفية مساعدة خزانات مصر والسودان في التخفيف من
النقص المستمر للمياه لكي لا يقع كل العبء على خزان سد النهضة. يمكن أن يصاحب ذلك
زيادة إثيوبيا في كمية المياه التي تتعهد بإطلاقها في سنوات الجفاف المتتالية،
والموافقة على وصول خزان سد النهضة إلى مستوى أدنى من تعهداتها السابقة خلال فترات
الجفاف الطويلة.
ومن الجوانب الرئيسية الأخرى التي
يحتاج الأطراف فيها إلى تحقيق تسوية هي قضية حل المنازعات. إثيوبيا، بالإشارة مرة
أخرى إلى إعلان المبادئ، تريد تسوية المنازعات بموجب أي اتفاق من خلال المفاوضات
بين الدول الثلاث، أو الوساطة في حالة فشل المفاوضات، في حين تفضل مصر والسودان
التحكيم المُلزم. في ضوء تفضيل إثيوبيا التقليدي للعمليات الإفريقية، ربما يكون
أحد الطرق هو هيئة تحكيم مُلزمة بقيادة الاتحاد الإفريقي -على الرغم من أن هذا
المسار يتطلب من «أديس أبابا» تغيير موقفها بشأن التحكيم، كما يتطلب من القاهرة
التغلب على اعتقادها بأن العملية التي يقودها الاتحاد الإفريقي تصب في صالح
إثيوبيا.
قد تساعد إضافة لجنة تسوية في إقناع
الطرفين بإجراء هذا التحول في المواقف. إنه نوع من الوساطة، يقدم فيه الوسيط
توصيات غير ملزمة للأطراف، ويعزز التفاهم، ويهدف إلى تحقيق توافق في الآراء من
خلال عملية غير عدائية. إذا فشلت عملية التسوية، ستضطر الأطراف عندئذ إلى الخضوع
لهيئة التحكيم التابعة للاتحاد الإفريقي.
مدى مصر: إلى أي مدى سوف
تستمر المخاوف السياسية الداخلية بالبلدين في الظهور، حتى مع استمرار الجانبين في
التصعيد على المستوى الدولي؟
وليام دافيسون: الشؤون
السياسية المحلية توفر حوافز قليلة للتسوية. وبما أن مصر تعاملت مع سد النهضة
باعتباره خطرًا محضًا على إمدادات المياه الخاصة بها، فإن تقديم تنازلات سيُعرض
الحكومة لاتهامات بالتفريط في أمور تتعلق بقضايا ذات أهمية وطنية حيوية.
وبالمثل، فإن «أديس أبابا» ليس
لديها مجال كبير للمناورة. تلقى رئيس الوزراء، أبي أحمد، بالفعل انتقادات شديدة
بسبب السماح للولايات المتحدة بالتدخل، وسياسيو وجماهير إثيوبيا يركزون الآن بشكل
كامل على استكمال المشروع ولا يهتمون بتقديم أي تنازلات قد تكون ضرورية للتوصل إلى
اتفاق مع السودان ومصر.
لذلك، وكجزء من الخطوات اللازمة
للتوصل إلى اتفاق، تحتاج الحكومتان إلى الاعتراف بأنه من المفترض أن يصبح سد
النهضة مفيدًا للطرفين، وأن التنازلات مطلوبة في المجالات الرئيسية للتوصل إلى
اتفاق يسمح للمشروع تحقيق أهدافه.
مدى مصر: ما هي العواقب
المحتملة لبدء إثيوبيا في ملء السد في غضون بضعة أسابيع، في ظل غياب اتفاق نهائي،
وهو السيناريو الذي يبدو محتملًا على نحو متزايد؟
وليام دافيسون: بغض النظر عما
إذا كان هناك اتفاق قائم أم لا، فلن يحدث نقص حاد في المياه في دولتي المصب، في
العام الحالي أو العام المقبل، لمجرد أن إثيوبيا بدأت الملء من دون اتفاق. ذلك لأن
إثيوبيا ستخزن فقط عُشر متوسط التدفق السنوي للنيل الأزرق في السنة الأولى من
التعبئة، وهناك ما يكفي من المياه المخزنة في السد العالي في أسوان للتعويض عن
ذلك. ولكن بسبب معارضة مصر والسودان لملء إثيوبيا لخزان السد دون اتفاق، هناك خطر
من تدهور العلاقات بين إثيوبيا ودولتي المصب، وبالتالي زيادة عدم الاستقرار
الإقليمي.
مدى مصر: هل هناك شيء
يتعلق بإدارة الموارد العابرة للحدود التي رأيناها حاضرة في هذا النزاع بالذات،
والتي من شأنها أن تطرح قضايا تقليدية بشأن السيادة الوطنية مستقبلًا، خاصة وأن
تغير المناخ يفرض نفسه بشكل متزايد؟
وليام دافيسون: لا أعتقد ذلك.
يعتبر النزاع حول النيل الأزرق وسد النهضة نمطيًا إلى حد ما بالنسبة للجدل الذي
يثار بين دول المنبع ودول المصب على أنهار عابرة للحدود، مثل أنهار كولورادو أو
ميكونج أو دجلة والفرات. بالطبع، إذا تعرض هطول الأمطار للتذبذب نتيجة تغير
المناخ، فقد تزداد شدة هذه الأنواع من النزاعات مع ارتفاع المخاطر بالنسبة للدول
المتضررة.
الإجابة على كل هذه الأنواع من المخاوف هي
التعاون وتحقيق درجة من التكامل الاقتصادي. تحتاج الدول الثلاث ودول حوض نهر النيل
الأخرى إلى التعاون في مشروعات توفير المياه والاستثمارات المشتركة التي تستخدم
النيل بكفاءة. إذا واصلت دول حوض النيل، بدلًا من ذلك، النظر إلى مصالحها الوطنية
على النهر فقط، فمن المحتمل أن تزداد المنافسة مع نمو الاقتصاديات والسكان،
خاصة في سياق تغير المناخ.
Ethiopian Foreign Minister Gedu
Andargachew, Minister for Water, Energy and Irrigation Seleshi Bekele and their
delegation leave the U.S. Treasury Department after negotiations on the
disputed Grand Ethiopian Renaissance Dam, situated on the border between
Ethiopia and Sudan, in Washington, U.S., November 6, 2019. REUTERS/Siphiwe
Sibeko
Egypt,
Ethiopia and Sudan have agreed to finalize a deal to fill and operate the Grand
Ethiopian Renaissance Dam (GERD) in two weeks following an emergency summit of
leaders of the three countries brokered by the African Union on Friday.
The
technical teams of all three countries convened in mid-June to try to reach a
comprehensive deal, but talks concluded without agreement on several key
issues, including legally binding drought mitigation protocols and a dispute
resolution mechanism.
Addis
Ababa has repeatedly said it would begin filling the dam reservoir in mid-July
with or without a comprehensive agreement. Friday’s extraordinary meeting came
only days before the United Nations Security Council was scheduled to meet to
discuss the GERD dispute on Monday. Cairo had appealed to the council in a
last-ditch diplomatic move aimed at stopping Ethiopia from filling the dam
without a deal.
Tensions
have simmered between Cairo and Addis Ababa since 2011, when Ethiopia announced
plans to build the US$4 billion mega dam, pitting Ethiopia’s push to generate
electricity for domestic consumption and export against Egypt’s fears over
water scarcity.
For
more on the background and context of the dispute, the technical and political
factors at play, and suggestions for ways to break the impasse, we turned to
William Davison, senior Ethiopia analyst at the International
Crisis Group.
He
responded in writing to a series of questions from Mada Masr.
Mada
Masr: In statements on Friday, both Egypt and Sudan said the three
countries agreed that Addis Ababa will delay the filling of the dam until a
comprehensive deal is reached. However,
in its statement, Ethiopia said it is scheduled to begin filling the GERD
within the next two weeks and only that the three countries have agreed to
reach a final agreement within that time frame.
Can you
explain the different statements, what exactly was agreed on, and what this new
development means?
William
Davison: First of all, the resumption of trilateral technical talks on the
filling and operating rules of the GERD and the involvement of the African
Union in them are highly welcome developments. The best way to try to solve the
three main outstanding issues — the legal status of any deal, managing a
prolonged dry spell, and how to resolve future disputes — is through more
direct talks, and not diplomatic escalation. It is therefore appropriate that
the AU is now facilitating discussions, as regional efforts should be exhausted
before the UN Security Council takes over the process.
However,
there are indeed significant differences in the interpretations of what exactly
was agreed to on Friday with regards to Ethiopia’s filling policy. This may
have occurred because Prime Minister Abiy Ahmed pledged that filling would not
begin during this upcoming phase of talks over the next two weeks. Meanwhile,
everyone agreed that a deal had to be reached during this phase. Egypt and
Sudan then seem to have taken these two points — deal to be reached in the next
round, Ethiopia pledges not to fill during that period — and presented that as
an Ethiopian promise not to begin filling until an agreement is reached. The
waters have been muddied further by a Saturday statement from Abiy’s office
that says “Ethiopia is scheduled to begin filling the GERD within the next two
weeks.” I think this should be disregarded and that the Ethiopian position is
actually that filling will begin after the two weeks of talks. Nonetheless,
despite all the confusion on this significant matter, what is clear is that
this potentially distracting debate over Ethiopia’s filling plans should not be
allowed to prevent the upcoming negotiations from focusing on resolving the
core outstanding disputes mentioned above.
MM: The
renewed talks between Egypt, Ethiopia and Sudan earlier this month again failed
to achieve a comprehensive agreement on the dam. Egypt claims it is negotiating
in good faith and accuses Ethiopia of acting unilaterally. Ethiopia
accuses Egypt of insisting on maintaining colonial-era rights to the Nile
waters. Who is right?
WD: Both
countries are right — to some extent.
Taking
a step back, Egypt’s fears are understandable given its heavy reliance on the
Nile, and Ethiopia’s sense of injustice is equally comprehensible given that
the 1959 bilateral treaty grants Egypt and Sudan exclusive rights to use of
Nile waters. Going forward, empathy will be needed from both sides to
understand the legitimacy of each other’s concerns and interests.
More
specifically, Ethiopia interprets some of the Egyptian demands for releases
from the GERD’s reservoir as attempts by Cairo to secure its existing claimed
quota of the Nile waters stemming from the 1959 treaty, especially when it
comes to the mitigation measures for prolonged dry years that Ethiopia rejected
in February.
While
Ethiopia is prepared to use some of the water stored at GERD to assist
downstream countries during dry years or spells, it is not willing to enter
into a deal that amounts to water allocation (it classifies this as any
arrangement where it ends up ‘owing’ water downstream to make up for years when
it did not meet minimum release thresholds), or to run the GERD reservoir down
to a volume that unduly affects electricity production and leaves the GERD only
with a small buffer above its minimum operating level. Addis Ababa believes,
reasonably, that any drought should also be mitigated by water stored in
Sudan’s dams and the Aswan High Dam, not just by GERD’s reservoir.
Egypt
has strived to reach a deal and made notable concessions over the years, but
the objective of reaching a consensus has recently not been helped by it taking
the matter to the United Nations Security Council, which led to Ethiopian
accusations of bad faith.
The
allegation of Ethiopian unilateral action is true, but is interpreted very
differently by the two nations: Ethiopia’s position is that it has the right to
develop its own water resources, including deciding when to begin filling the
GERD’s reservoir. Addis Ababa’s overall position is that it is following the
2015 Declaration of Principles (DOP) on the GERD and the international legal
principles of “reasonable and equitable utilization” of transboundary rivers
and not causing “significant harm” downstream. Ethiopia also routinely states
that it is acting no more unilaterally than Egypt did when it built Aswan High
Dam or Sudan did for its hydropower projects.
The
Egyptian claim of unacceptable Ethiopian unilateralism is also built upon the
DOP and those international principles. Its reading is that Ethiopia is in
breach of the DOP, as the text commits the parties to agreeing on the rules of
“first filling” and Ethiopia therefore should not begin impoundment without a
deal. Egypt also says this act of filling without an agreement constitutes a
breach of the “significant harm” principle. While the DOP is open to
interpretation, precedent suggests Ethiopia merely beginning filling with no
deal in place would not constitute causing “significant harm” to Sudan and
Egypt.
MM: Why have years of negotiations between the parties failed to secure a
deal?
WD: Following
on from the previous answer, one of the reasons for the current deadlock is
differing interpretations of the DOP, which was more of a constructively
ambiguous political agreement than a watertight legal treaty.
Ethiopia’s
stance is based upon its take on the 2015 declaration. It says it is only
obliged to agree on the guidelines and rules of the first filling and annual
operation of the GERD, and that it did not commit to a comprehensive fully
fledged legal agreement on the matter.
Furthermore,
it refers to the sections of the DOP that say “the owner of the dam may adjust
from time to time” the annual operation rules, and that agreement on the
guidelines and rules for filling can be agreed “in parallel with the
construction of GERD” — Ethiopia says filling is part of construction.
As
noted above, Egypt believes the DOP commits Ethiopia to agreeing on filling
before it commences, and says that a failure to do so would be in contravention
of the “no significant harm” principle. Egypt and Sudan are pursuing a legal
agreement binding under international law, as they say that vital national
interests are at stake which they cannot rely on Ethiopian goodwill to protect.
Addis Ababa’s refusal to agree on this element in the last round of talks
strengthened Egypt’s perception that its partner was not interested in striking
a comprehensive agreement.
Yet
beyond these differing interpretations of the DOP is a larger debate about
water sharing and equitable use of the Nile that creates an acrimonious
atmosphere, increases mistrust, and thus has made it difficult to reach
agreement. Ethiopia embarked upon the GERD after upstream countries failed to
agree with Sudan and Egypt on the full text of the Cooperative Framework
Agreement (CFA).
The
GERD was therefore an Ethiopian effort to assert its rights to the Nile which
it believes Egypt has denied. By creating a new reality through the GERD,
Ethiopia hopes to encourage Sudan and Egypt to reconsider the CFA as the way to
secure their water needs through a multilateral process. Ethiopia is therefore
not willing to make any concessions on issues that it thinks should be handled
under the CFA, whether it is regarding what it considers water sharing, or
committing to binding international arbitration as the dispute-resolution
mechanism.
MM: In
April, Ethiopia proposed an interim agreement to cover the first two years of
filling the dam reservoir. The proposal was rejected by Cairo, who accused
Addis Ababa of trying to delay any comprehensive deal while going ahead with filling
the dam.
Do you
think an interim agreement is still a viable option, especially in light of the
precedent this dispute will set for the Nile Basin?
WD: Egypt
and Sudan’s rejection of an interim deal in favor of a comprehensive pact that
covers all their concerns makes the piecemeal approach a politically tricky
option right now. An agreement covering the first two years of filling was
always a sub-optimal solution and only became attractive due to the problems in
reaching a comprehensive agreement on the GERD’s filling and operating rules.
That was the situation after Ethiopia rejected the draft agreement in February
and is the case again now, with the start of filling impending and sizable
obstacles remaining in the way of a comprehensive agreement.
As
Crisis Group has argued, an interim agreement would build trust by
institutionalizing cooperation. It would also buy time to thrash out the
protocols for a prolonged dry spell, which, after all, would likely only be
needed every few decades.
Egypt
and Sudan are concerned, however, that such a piecemeal approach means giving
further blessing to the GERD without getting the assurances they want on the
risks they perceive from the project. But any interim agreement would need a
dispute-resolution mechanism as part of it, and perhaps a third-party guarantor
can be included to ensure that Ethiopia meets a pledge to continue negotiating
in good faith on outstanding issues.
MM: On
June 19, Egypt formally asked the United Nations Security Council to intervene
and call Ethiopia back into talks, warning that filling the dam without a deal
“constitutes a clear and present danger to Egypt” with repercussions that
“threaten international peace and security.” Sudan also sent a letter to the
council on June 24, saying it was “deeply concerned about Ethiopia’s decision
to start filling in the absence of an agreement” and urged the council to
“discourage” all parties from any “unilateral actions.” Ethiopia sent its own
letter to the council on June 22 accusing Egypt of trying to “exert unhelpful
political and diplomatic pressure on Ethiopia.”
Do you
think any progress will be made through the UN Security Council? And
what do you make of the increasing internationalisation of the dispute in
general?
WD: When
Egypt first called for the security council to engage on the GERD issue, most
diplomats did not think it would get very far at all. The council, which tends
to focus on military conflicts, does not normally deal with disputes over water
rights. Nonetheless, Egypt has succeeded in persuading the council to discuss
the issue, in large part thanks to U.S. support. It is not clear how much
further council diplomacy can go, however. Many council members remain wary of
becoming too closely involved in the dispute.
While
Egypt has succeeded in using UN diplomacy to highlight its concerns over GERD,
the UN is unlikely to arbitrate in the dispute. China, which has its own water
rights disputes with its neighbors, will not want to create a precedent that
the UN can adjudicate in such issues. UN Secretary-General Antonio Guterres has
offered UN support to further talks on the GERD, but emphasized that the UN
should try to replace the existing frameworks for talks. Overall, I think the
UN will encourage all sides to solve this dispute, but the UN cannot solve it
itself.
Moreover,
internationalization so far has not proved successful, particularly in February
when Ethiopia rejected the draft agreement that emerged from the U.S.- and
World Bank-observed talks, alleging that it was an attempt to secure Egypt and
Sudan’s claimed water quotas via mitigation proposals for four-year dry spells.
Yet as the parties have been negotiating for so many years, and as this is a
matter of regional and international importance, it is understandable that
external actors are increasingly getting involved. They can potentially help by
advising the parties where and how to make critical concessions and, in the
longer term, on regional economic integration. This could particularly be the
case now the African Union is set to take a larger role, as that may reassure
Ethiopia and so increase its appetite for compromises. There is also a
potential role for the U.S., the Gulf states and the European Union in
providing technical and financial assistance, both in the short term to get a
deal over the line, but also for a more ambitious longer-term package as the
parties develop their cooperation over the Nile.
Ultimately,
it is not clear that the current UN Security Council process will be helpful in
bringing the parties closer together, and it is therefore a good thing that the
AU has asserted itself on the matter. The danger of Egypt’s appeal to the UNSC
is that it may harden Ethiopia’s resolve to not make concessions and to simply
proceed with filling as planned in July, which is very likely to happen whether
there is a deal or not.
MM: Outside the UN
Security Council, is there a way to overcome this impasse at the international
level?
Can
you explain what the principal disagreements are over drought mitigation
protocols and a dispute resolution mechanism, and are there alternative
suggestions to overcome them?
WD: The
parties have not been able to reach an agreement due to a lack of consensus on
the legal status of any agreement, the final details of how to manage a
prolonged dry period, and how to resolve any future disputes. We will have to
see whether the new AU-facilitated process manages to revitalize the
negotiations and create the space for compromises on the technical and legal
issues.
Eventually,
perhaps Ethiopia could sign up to an agreement that would be binding under
international law if Egypt and Sudan are willing to give Ethiopia more leeway
to revise operating guidelines as hydrological conditions change, including due
to climate change or future upstream Ethiopian Blue Nile development projects.
The key issue here is whether Ethiopia can revise rules unilaterally or only
through consensus. As a compromise option, a third-party or a conciliation
commission could assess whether Addis Ababa’s proposed revisions are necessary
and reasonable.
A
way forward on the drought issue might be detailing how Egypt and Sudan’s
reservoirs will help mitigate sustained shortages so not all of the burden is
on the GERD reservoir. This could be accompanied by Ethiopia increasing the
amount of water it pledges to release in consecutive drought years and agreeing
to run the GERD’s reservoir to a lower level than so far promised during
prolonged dry periods.
Another
key area where the parties need to reach compromise is dispute resolution.
Ethiopia, referring again to the DOP, wants disputes under any agreement to be
settled through negotiations among the three countries or, failing that,
mediation, while Egypt and Sudan prefer binding arbitration. In view of Ethiopia’s
traditional preference for African processes, one way forward could be a
binding, AU-led arbitration panel — although this path would require Addis
Ababa to shift its position on arbitration and Cairo to overcome its
reservations that an AU-led process would favor Ethiopian interests.
The
addition of a conciliation commission might help convince both parties to make
that shift. This form of mediation, where the mediator makes non-binding
recommendations to the parties, fosters understanding and aims to find
consensus through a non-adversarial process. If conciliation fails, the parties
would then be obliged to submit to an AU arbitration panel.
MM: Is there
something about the management of transboundary resources that we’ve seen play
out in this particular dispute that will pose problems to traditional questions
of national sovereignty in the future, especially as climate change
increasingly forces itself onto the agenda?
WD: I
don’t think so. The clash over the Blue Nile and the GERD is fairly typical of
upstream-downstream debates over transboundary rivers, such as the Colorado,
Mekong, or Tigris-Euphrates. Of course, if rainfall gets increasingly volatile
due to climate change then the intensity of these types of disputes may
increase as the stakes rise for affected states.
The
answer to all of these types of concerns is cooperation and a degree of
economic integration. The three countries, and the other Nile riparians, need
to collaborate on water-saving projects and joint investments that make the
most efficient use of the Nile. If Nile Basin countries instead keep viewing
their national interests over the river in zero-sum terms, then there is the
likelihood of increasing competition as economies and populations grow,
especially in the context of climate change.
MM: To
what extent will domestic political concerns continue to come into play, even
as the two sides continue to escalate at the international level?
WD: Domestic
political concerns provide few incentives for compromise. As Egypt has
presented the GERD as purely a risk to its water supplies, if the government
made concessions then it would leave itself open to charges that it was bargaining
over matters of vital national interest.
Likewise,
Addis Ababa has little room to maneuver. Prime Minister Abiy Ahmed already
received heavy criticism for letting the U.S. get involved, and Ethiopian
politicians and members of the public are now wholly focused on completing the
project and are not interested in what concessions might be necessary to reach
an agreement with Sudan and Egypt.
Therefore,
as part of the steps needed to reach a deal, the two governments need to
communicate that the GERD is supposed to be mutually beneficial, and that
concessions are needed in key areas to reach an agreement that will allow the
project to reach its potential.
MM: What
are the potential consequences of Ethiopia beginning to fill the dam in a few
weeks absent a final deal, a scenario that is looking increasingly
likely?
WD:
Regardless of whether a deal is in place or not, there will be no critical
downstream shortages this year or next year just because Ethiopia starts
filling without a deal. This is because Ethiopia will only store a tenth of the
Blue Nile’s annual average flow in the first year of filling, and there is more
than enough water stored at the Aswan High Dam to compensate for this. However,
because of Egyptian and Sudanese opposition to Ethiopia beginning filling
without an agreement, there is the threat of worsening relations between
Ethiopia and the two downstream countries, and consequently increased regional
instability.
ENFRWC Media Partner
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق