أنتقدت ورقة صادرة بحثية صادرة عن المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، خطة الحكومة
لتخفيض دعم الطاقة منذ عام 2014 وحتى الآن، والتي اتسمت بضعف التصميم، نتيجة نقص
الشفافية، ما تسبب في آثار اجتماعية واقتصادية حادة على مستوى معيشة الفقراء
والأسر ذات الدخل المتوسط، والنشاطات الاقتصادية لعدد كبير منهم.
بحسب الورقة، التي حملت عنوان: «فاتورة الأخطاء الأربعة: الخطة المصرية-الصندوقية
لرفع أسعار الطاقة»، كان أحد أهم مستهدفات الخطة من تقليص دعم الطاقة هو «إصلاح الهيئات
الحكومية التي تحصل على دعم الطاقة، وزيادة قابليتها للمحاسبة».
واستنتجت الورقة، التي أعدتها سلمى حسين، الباحثة في ملف العدالة الاقتصادية
والاجتماعية، أن خطة تخفيض دعم الطاقة أبقت إلى حد كبير على مكتسبات أصحاب الشركات
النافذة سياسيًا (الريع الناتج عن دعم الطاقة لمنشآتهم، وقدرته الورقة بحوالي 80
مليار جنيه في عام 2017-2018 وحده بناءً على دراسة صادرة عن البنك الدولي).
الورقة، التي صدرت بالتزامن مع اليوم العالمي للقضاء على الفقر، ناقشت أربعة أسئلة
أساسية: هل نجحت الحكومة في تخفيض حجم الدعم؟، ومن يحصل على دعم الطاقة؟،
وهل اتبعت الحكومة المصرية أفضل الممارسات العالمية للتخلص من دعم الطاقة؟، ولماذا
لا يتم الإعلان عن دعم الطاقة الموجه إلى المنتجين؟
هل نجحت الحكومة في تخفيض حجم الدعم؟
تميز الورقة بين مراحل دعم الطاقة، قبل وبعد الاتفاق مع صندوق النقد، معتبرة
أن تخفيض فاتورة الدعم قبل تنفيذ البرنامج الاقتصادي المتفق عليه مع الصندوق كان
أفضل، «لأنه كان أكثر تدرجًا».
بدأت مصر في تطبيق برنامج للتخلص من دعم الطاقة في 2014، في لحظة شهد فيها العالم
انخفاض أسعار البترول. وبدأت الخطة التي صممت للتطبيق على خمس سنوات بزيادة أسعار
كل أنواع الطاقة لكل من القطاع المنزلي والمنتجين (قطاعات الصناعة والزراعة
والبناء والسياحة والتجارة).
الخطة في إجمالها جيدة، من حيث التدرج، وحجم المعلومات المتاحة، والتوازن بين رفع
الدعم عن المواطنين ورفعه عن القطاع الإنتاجي (المنتجين). ونجحت في العامين
الأولين لها في تخفيض العبء على الموازنة العامة، بحسب الورقة. ولكن منذ 2016،
تغير الوضع؛ بدأت أسعار النفط العالمية في الارتفاع. وعليه، تم تمديد تنفيذ الخطة
حتى 2021، ولكن بالنسبة للكهرباء فقط.
لكن، في نهاية 2016، وقعت مصر قرضًا قيمته 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي.
وترتب على شروطه أن فقد الجنيه حوالي 40٪ من قيمته، ما أدي إلى مضاعفة فاتورة
الواردات البترولية والغاز لأن واردات مصر من المواد البترولية أصبحت مقومة بالسعر
الحر للدولار، ومن ثم تضاعف الدعم الموجه إلى الطاقة، بحيث تآكل أثر العامين
الأولين من الخطة المحلية لتقليص الدعم
يتضح زيادة مخصصات دعم الطاقة في
العام المالي 2018-2019 مقارنة بالعام 2015-2016. ووصل مجموع الدعم خلال العام
2019-2020 إلى 57 مليار جنيه، ما يعني وفرًا يساوي 22 مليار جنيه وهو ما يعد
ضئيلًا إذ يمثل 1.1% من إجمالي الإنفاق العام في الموازنة بالسنة المالية 2015-2016.
وفي مقابل ذلك «الوفر الضئيل»، كما تصفه الورقة، فإن التكلفة الاجتماعية التي
سُددت تبدو باهظة على ما يبدو، «حيث زاد متوسط الإنفاق على الكهرباء والغاز لدى
الأسر المصرية، وكانت الزيادة في الريف أكثر منها في الحضر، حيث وصلت النسبة إلى
25٪ من الإنفاق على المسكن في الريف، و18.5٪ في الحضر، مقارنة بمتوسط 16.4٪ في عام
2015».
من يحصل على دعم الطاقة؟
«لا تقل دعم الطاقة، قل الدعم
الموجه إلى الهيئات الحكومية للبترول والكهرباء»، كما تنصح الورقة، موضحةً أن
مخصصات الدعم توجه بالأساس إلى هيئتين حكوميتين، هما المسؤولتان عن إنتاج الطاقة،
وهما الهيئة المصرية العامة للبترول وشركاتها التابعة، والهيئة المصرية للكهرباء
وشركاتها التابعة.
ضعف الحوكمة وغياب الشفافية في هذه الشركات يطرح «أسئلة عديدة عن كفاءة إنتاج تلك
المنتجات [البترولية]، لأن هذه المخصصات التي تقدر بعشرات المليارات، حين تدخل
خزائن كيان حكومي، يصبح لديه حافز مبطن كي لا يتوخى أفضل وأكفأ طرق الإنتاج، لأنه
كلما ارتفعت تكاليف الإنتاج، كلما حصل على دعم أكبر من الموازنة العامة».
على سبيل المثال، في ما يخص الهيئة العامة للبترول، وفي عام 2017-2018، «زادت
مصروفات الهيئة عن المخطط بمبلغ 91.65 مليار جنيه (ثلث الإيرادات الفعلية للهيئة).
وحققت الهيئة أرباحًا أقل من المخطط، تبلغ 3.9 مليار جنيه [...]. ولا توجد أي
وثائق منشورة تشرح أسباب زيادة الإنفاق الفعلي عن المخطط، ولا سبب تدني الربح
الصافي».
هل اتبعت الحكومة المصرية أفضل الممارسات العالمية للتخلص من دعم الطاقة؟
يتناول هذا السؤال مناقشة ما غاب عن خطة تقليص الدعم في مصر التي أقرها
الصندوق ضمن البرنامج المتفق عليه بين الطرفين. تشير الورقة إلى دراسة الباحثين
رينتشلر وبازيليان -الصادرة عن البنك الدولي- والتي تقدم ما تعتبره استراتيجية
نموذجية لإصلاح الدعم من ست خطوات. طبقًا للورقة، لم تلتزم مصر بكثير من الموصى
به، حيث تجاهلت الحكومة عند تخفيض الدعم مثلًا زيادة الإنفاق على التعليم والصحة،
والتخفيضات الضريبية (خاصة الضرائب على العمل) وغيرها.
لماذا لا يتم الإعلان عن دعم الطاقة الموجه إلى المنتجين؟
ترى الباحثة أن غياب هذا التحليل يعد من أهم النقاط التي غابت عن الخطة
المصرية المدعومة من صندوق النقد، لأنه يتعلق بالجزء الأكبر من الدعم، «وهو جزء
مسكوت عنه ولم يخضع من ثم لنقاش عام علني موسع»، بحسب الورقة.
تنطلق الورقة من تصور لدعم الطاقة الموجه إلى المنتجين كدعم يعد، في معظمه، ضارًا،
«لأنه يؤدي إلى سوء تخصيص الموارد تجاه الصناعات والأنشطة الاقتصادية كثيفة
الطاقة. ومعظم تلك الصناعات كثيفة الطاقة مثل الحديد والأسمنت والأسمدة
والسيراميك، هي صناعات تصديرية، أي أنه في النهاية دعم يفيد المستهلك الأجنبي».
أدى الدعم السخي الذي كان يذهب إلى تلك القطاعات إلى سرعة نفاد البترول والغاز
الطبيعي، لتتحول مصر إلى مستورد صافٍ في عام 2013، بحسب الورقة. يشير صندوق النقد
الدولي في أول تقرير له عن مصر بعد التوقيع على القرض إلى أن الدعم الموجه إلى
المنتجين ما زال مرتفعًا. قبل بدء خطة تحرير دعم الطاقة عام 2014، كان الدعم
الموجه إلى المنتجين قد بلغ 80٪ من إجمالي دعم الطاقة، بينما لم يتجاوز نظيره
الموجه إلى القطاع المنزلي 20٪ من إجمالي فاتورة الدعم.
تستند الورقة إلى دراسة نشرها البنك الدولي في 2014، توضح كيف تتمتع الصناعات
كثيفة الطاقة بمراكز احتكارية، كما أن أصحابها كانوا نافذين سياسيًا في عهد الرئيس
الأسبق حسني مبارك.
وتبعًا للورقة، استمر ذلك النفوذ للشركات كثيفة استخدام الطاقة إلى الآن، حيث يشكل
أصحابها ثاني أكبر تكتل في البرلمان (17٪ من أعضاء البرلمان) -استنادًا لتقديرات
الباحث أكرم الألفي- ويترأسون اللجان المتعلقة بالتشريع لأنشطتهم بشكل مباشر.
وفي حين قامت خطة رفع الأسعار بالأساس على أربع إلى خمس زيادات متتالية في أسعار
الطاقة -كهرباء ووقود- الموجهة إلى القطاع العائلي، لم تتكبد تلك الشركات سوى رفع
بعض الأسعار إلى بعض المصانع مرة واحدة في 2014، ثم عاودت الانخفاض في 2019 و2020.
Report: Four mistakes in the government's plan to raise energy prices
A paper issued few days ago by the Egyptian Initiative for
Personal Rights criticized the government's plan to reduce energy subsidies
from 2014 until now, which was characterized by poor design, due to lack of
transparency, which caused severe social and economic impacts on the standard
of living of the poor and middle-income families, and economic
activities for a large number of them
According to the paper, titled: “The Bill of the Four
Mistakes: The Egyptian-Fund Plan to Raise Energy Prices,” one of the plan’s
most important goals for reducing energy subsidies was “reforming government
agencies that receive energy subsidies and increasing their
accountability”
The paper, prepared by Salma Hussein, a
researcher in the economic and social justice file, concluded that the plan to
reduce energy subsidies largely preserved the gains of the owners of
politically influential companies (the proceeds resulting from energy subsidies
for their facilities, the amount of which is about 80 billion pounds in
2017-2018 alone. Based on a study issued by the World Bank
The paper, issued in conjunction with the International
Day for the Eradication of Poverty, discussed four basic questions:
Has the government succeeded in reducing the amount of subsidies
?, Who receives energy subsidies ?, Has the Egyptian government followed
international best practices to get rid of energy subsidies ?, And why is not
announced On energy subsidies directed at producers
Has the government succeeded in reducing the amount of subsidies
The paper distinguishes between the stages of energy
subsidies, before and after the agreement with the IMF, considering that
reducing the subsidy bill before implementing the economic program agreed upon
with the Fund was better, "because it was more gradual"
Egypt began implementing a program to eliminate energy
subsidies in 2014, at a moment when the world witnessed a drop in oil
prices
The plan, which was designed to be implemented over
five years, began with an increase in the prices of all types of energy for
both the domestic and producer sectors (industry, agriculture, construction,
tourism and trade sectors)
The overall plan is good, in terms of progression, the
amount of available information, and the balance between lifting subsidies on
citizens and removing them from the productive sector producers
In its first two years, it succeeded in reducing the
burden on the public budget, according to the paper
But since 2016, the situation has changed; World oil
prices began to rise. Accordingly, the implementation of the plan has
been extended until 2021, but only for electricity
However, at the end of 2016, Egypt signed a $ 12 billion
loan from the International Monetary Fund
As a result of its conditions, the pound lost about 40% of
its value, which led to the doubling of the bill for oil and gas imports
because Egypt's imports of petroleum products became denominated in the free
price of the dollar, and then the subsidies directed to energy doubled, so that
the impact of the first two years of the local plan to reduce subsidies
eroded
The Egyptian Initiative for Personal Rights, based on data from
the Ministry of Finance and the International Monetary Fund
Said figure shows an increase in energy subsidy
allocations in the fiscal year 2018-2019 compared to the year 2015-2016.
The total subsidies during the year 2019-2020 reached 57 billion pounds,
which means savings equal to 22 billion pounds, which is considered insignificant,
as it represents 1.1% of the total public spending in the budget in the
2015-2016 fiscal year
In return for this “little savings,” as the paper
describes it, the social cost paid seems prohibitive, “as the average spending
on electricity and gas among Egyptian families increased, and the increase was
more in the countryside than in urban areas, where the percentage reached 25%.
Of spending on housing in the countryside, and 18.5% in urban areas,
compared to an average of 16.4% in 2015 »
Who Receives Energy Subsidy
“No less energy subsidies, less subsidies directed at
government agencies for petroleum and electricity,” the paper advises,
explaining that the subsidy allocations are directed primarily to two
government agencies, which are responsible for energy production, namely the
Egyptian General Petroleum Corporation and its subsidiaries, and the Egyptian
Electricity Authority and its subsidiaries
The weakness of governance and the absence of transparency
in these companies raises «many questions about the efficiency of production of
these [petroleum] products, because these allocations, estimated at tens of
Egyptian billions, when entering the coffers of a government entity, have a
hidden incentive not to envisage the best and most efficient methods of production,
because the higher the costs Production, the more support it gets from
the general budget
For example, with regard to the General Petroleum
Corporation, in 2017-2018, “The Authority’s expenditures exceeded the scheme by
LE 91.65 billion (one third of the Authority’s actual revenues). The
authority achieved profits less than the scheme, amounting to 3.9 billion
pounds [...]. There are no published documents explaining the reasons for
the increase in actual spending over the scheme, nor the reason for the decline
in net profit
Has the Egyptian government followed international best practices for getting rid of energy subsidies
This question deals with a discussion of what was absent
from the plan to reduce subsidies in Egypt, which was approved by the Fund
within the program agreed upon between the two parties
The paper refers to the study by researchers Rentschler
and Basilian - issued by the World Bank - which provides what it considers a
typical six-step strategy for subsidy reform
According to the paper, Egypt did not adhere to much of the
recommended, as the government ignored when reducing subsidies, for example,
increased spending on education and health, tax cuts (especially taxes on work)
and others
Why is the energy subsidy directed at producers not announced
The researcher believes that the absence of this analysis
is one of the most important points absent from the Egyptian plan supported by
the IMF, because it relates to the bulk of the subsidy, “which is a part that
is silent and has not thus been subject to an extensive public debate,”
according to the paper
The paper starts from a perception of energy subsidies
directed to producers as subsidies that are, for the most part, harmful,
“because it leads to misallocation of resources towards energy-intensive
industries and economic activities
Most of these energy-intensive industries, such as iron,
cement, fertilizers and ceramics, are export industries, meaning that in the
end, there are subsidies that benefit the foreign consumer
The generous subsidies that were going to these sectors
quickly depleted oil and natural gas, and Egypt became a net importer in 2013,
according to the paper
In its first report on Egypt after the signing of the
loan, the International Monetary Fund indicates that subsidies directed at
producers are still high. Before the start of the energy subsidy
liberalization plan in 2014, subsidies directed at producers amounted to 80% of
the total energy subsidy, while its counterpart to the household sector did not
exceed 20% of the total subsidy bill
The paper is based on a study published by the World Bank
in 2014, which shows how energy-intensive industries enjoyed monopoly
positions, and that their owners were politically powerful during the era of
former President Hosni Mubarak
According to the paper, the influence of energy-intensive
companies has continued to this day, as their owners form the second largest
bloc in parliament (17% of parliament members) - according to researcher Akram
al-Alfi's estimates - and directly chair committees related to legislation for
their activities
While the price increase plan was based mainly on four to
five successive increases in energy prices - electricity and fuel - directed to
the household sector, these companies only incurred some raising some prices to
some factories once in 2014, and then they decreased again in 2019 and 2020