تم بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية التخلص من كميات ضخمة من الذخائر
بإلقائها في البحر ببساطة. ولا تزال هذه القنابل في قاع البحر حتى يومنا
هذا، تعرقل الآن بناء محطات الطاقة الهوائية قرب الشواطئ الألمانية.
تعتبر مدينة نورددايش الألمانية الصغيرة الواقعة على شاطئ بحر الشمال مكانا
لا يحدث فيه شيء يذكر. إلا أن الهواء النظيف والهدوء السائد فيه الذي لا
تتخلله إلا أصوات طيور النورس، هما السبب الذي أدى إلى تطوره ليصبح مكانا
محببا لقضاء العطلات الصيفية. إلا أن ما لا يعرفه السواح، هو أن هناك خطرا
مميتا يكمن تحت أمواج بحر الشمال على بعد بضعة كيلومترات فقط من الشواطئ.
وهذا الخطر هو: وجود كميات كبيرة من الذخائر القديمة في قاع البحر، والتي
يعود إنتاجها إلى فترة الحرب العالمية الثانية.
أطنان من الذخائر في مياه البحر
"نقدر وزن الذخائر القديمة في مياه بحري الشمال والبلطيق بمليون و600 ألف طن"، كما يقول بيرند شيرير من وزارة الزراعة والبيئة والمناطق الريفية في ولاية شليسفيغ ـ هولشتاين، ففي المياه الساحلية الألمانية توجد مئات آلاف الألغام الجوية والقنابل والذخائر الأخرى التي لم تنفجر، وذلك منذ أكثر من نصف قرن.
ويقول شيرير، يوجد في بحر الشمال وحده مليون و300 ألف طن من الذخائر القديمة. وقد تم تفريغ جزء كبير منها في الفترة ما بعد عام 1945 تحت إشراف سلطات الاحتلال المتحالفة، وخاصة البريطانيين. "بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، أُعتبر التخلص السريع من الكميات الكبيرة من الذخائر الحربية مهمة تحظى بالأولية"، كما يقول شيرير. وتم آنذاك استخدام مختلف السفن لعمليات التفريغ. وشارك صيادو الأسماك أيضا بسفنهم الخاصة في نقل الذخائر إلى أماكن التفريغ المحددة قبل ذلك وحصلوا مقابل كل عملية تفريغ على مكافأة نقدية.
أكوام من الذخائر أكبرمن المتوقع
ما يعتبر اليوم ممارسة لا يمكن تصورها، كان لعشرات العقود ممارسة شائعة، فالمياه الساحلية اعتبرت مكانا مناسبا للتخلص من جميع أنواع المواد الخطيرة. إلا أن الإهمال آنذاك يصبح اليوم مشكلة جدية في سياق ازدياد أهمية الرياح البحرية كإحدى أعمدة التحول في إنتاج الطاقة في ألمانيا، فالذخائر القديمة في قاع البحر تعرقل بناء المزارع الهوائية في السواحل: "توقعنا في مرحلة التخطيط أن نجد في مسافة 45 كيلومترا حوالي 50 جسما من الضروري فحصها"، كما يقول يان كيلبيل، المدير التقني لقسم إزالة المعدات الحربية في شركة بوسكاليس هيرديس.
يقوم كيلبيل وزملاؤه مرة بعد الأخرى بتفجيرات لإبطال مفعول القنابل والألغام الجوية والطوربيدات التي عثروا عليها، وهذا أمر معتاد لإزالة الذخائر القديمة. "المفجرات التي نجدها في هذا النوع من الذخائر، هي حساسة جدا في حالات كثيرة"، كما يقول كيلبيل ويضيف: "لذلك، فإن تحريك الذخائر يعتبر أمرا خطيرا. ولا يبقى أمامنا إمكانية إلا تفجيرها في مكان عثورنا عليها."
إلا أن التفجيرات التي تحدث تحت المراقبة تشكل عبئا ثقيلا للبحر ولسكانه، فبحر الشمال، هو المجال الحيوي لخنازير البحر وكلاب البحر وعجول البحر. "عندما يتم تفجير تحت سطح الماء، فإن ذلك يؤدي إلى موجة ضغط ضخمة تضر بثدييات البحر"، كما يقول بيتير لينا،و مدير قسم كلاب البحر في عيادة الحيوانات التابعة للحديقة الوطنية في منطقة نورددايش. وتتسبب التفجيرات خارج مياه البحر أيضا في مشاكل، وخاصة في فصول معينة بالسنة. "إذا تمت التفجيرات في البحر الضحل خلال أوقات الجزر، فإن ذلك يتسبب في فرقعة شديدة جدا. يمكن بشكل خاص في حزيران وتموز، أي في الفترة التي يترعرع فيها الأولاد من كلاب البحر، أو في كانون الأول وكانون الثاني، أي في الفترة التي يترعرع فيها الأولاد من عجول البحر، يمكن في مثل هذه الفترات أن تؤدي التفجيرات إلى هرب الأمهات من الحيوانات وفصل أولادها عنها."
إجراءات حماية واسعة النطاق
يشير الخبراء إلى أنه يمكن أن تؤدي موجة الضغط المنطلقة من تفجير في محيط بمقدار أربعة كيلومترات إلى إلحاق الضرر بطبلة آذان ثدييات البحر. ويمكن أن يضر تفجير بحاسة السمع لدى الحيوانات حتى في محيط بمقدار عشرة كيلومترات. ولذلك يطالب تحالف من منظمات حماية البيئة، بينها اتحاد حماية الطبيعة الألماني، بإصدار قواعد قانونية إلزامية لكيفية التعامل مع الذخائر القديمة.
هناك آخرون أيضا يشاركون حماة البيئة في مطالبهم. "سيسهّل وجود قواعد
إلزامية عملنا أيضا"، يقول يان كيلبيل، ويضيف: "فنسبة 80 بالمائة من الكابل
الذي نمده في سياق تنفيذ مشروعنا الحالي، تمر بمنطقة المحمية الطبيعية
الوطنية. وهناك بشكل خاص، من الصعب القيام بتفجيرات تحت المراقبة، إذ من
الضروري أن نتأكد في كل مرة من أن يكون أقل عدد ممكن من الحيوانات موجودا
بالقرب من مكان التفجير".
علاوة على ذلك من الضروري أن يتخذ المسؤولون إجراءات شاملة لطرد تلك الحيوانات التي تكون في محيط التفجير لحمايتها. وعليه يتم طرد ثدييات البحر قبل كل تفجير بواسطة إثارة ضوضاء شديدة. ويستخدم أيضا ستار لامتصاص موجة الضغط المنطلقة من التفجير.
مشكلة عالمية
إلا أن الذخائر القديمة، ليست قضية تخص ألمانيا فقط، فعدد متزايد من الدول الواقعة على البحار تفكر في بناء منشآت الرياح في مياهها الساحلية لإنتاج الطاقة. وفي رأي بيرند شيرير من وزارة البيئة في ولاية شليسفيغ ـ هولشتاين، فإن هذه الدول تواجه مشاكل مماثلة. "هذه مشكلة عالمية"، كما يقول شيرير. "لا أعتقد أن الحكومات الأوروبية أو الحكومة الأمريكية مستعدة لتحمل تكاليف إزالة الذخائر في بحار العالم".
يعتقد شيرير أنه سيمضي بعض الوقت قبل صياغة إستراتيجية مشتركة. "سيكون ذلك عملا صعبا. ومن المحتمل الاتفاق على أن إزالة الذخائر القديمة مفيدة فقط في المناطق التي من المقرر تنفيذ مشاريع لتطوير البنية التحتية فيها مثل بناء مزارع هوائية ومد كوابل لنقل الطاقة. وعليه من المحتمل أن تبقى الذخائر في جميع المناطق الأخرى في أماكنها الحالية".
الخبير في أعمال التفجير، يان كيلبيل من شركة بوسكاليس هيرديس، مقتنع بأن دولا كثيرة في منطقة بحر الشمال تتابع عمله الحالي في البحر بدقة، رغم أن السياح على شواطئ بحر الشمال لا يلاحظون سوى القليل من عمله هذا.
أطنان من الذخائر في مياه البحر
"نقدر وزن الذخائر القديمة في مياه بحري الشمال والبلطيق بمليون و600 ألف طن"، كما يقول بيرند شيرير من وزارة الزراعة والبيئة والمناطق الريفية في ولاية شليسفيغ ـ هولشتاين، ففي المياه الساحلية الألمانية توجد مئات آلاف الألغام الجوية والقنابل والذخائر الأخرى التي لم تنفجر، وذلك منذ أكثر من نصف قرن.
ويقول شيرير، يوجد في بحر الشمال وحده مليون و300 ألف طن من الذخائر القديمة. وقد تم تفريغ جزء كبير منها في الفترة ما بعد عام 1945 تحت إشراف سلطات الاحتلال المتحالفة، وخاصة البريطانيين. "بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، أُعتبر التخلص السريع من الكميات الكبيرة من الذخائر الحربية مهمة تحظى بالأولية"، كما يقول شيرير. وتم آنذاك استخدام مختلف السفن لعمليات التفريغ. وشارك صيادو الأسماك أيضا بسفنهم الخاصة في نقل الذخائر إلى أماكن التفريغ المحددة قبل ذلك وحصلوا مقابل كل عملية تفريغ على مكافأة نقدية.
أكوام من الذخائر أكبرمن المتوقع
ما يعتبر اليوم ممارسة لا يمكن تصورها، كان لعشرات العقود ممارسة شائعة، فالمياه الساحلية اعتبرت مكانا مناسبا للتخلص من جميع أنواع المواد الخطيرة. إلا أن الإهمال آنذاك يصبح اليوم مشكلة جدية في سياق ازدياد أهمية الرياح البحرية كإحدى أعمدة التحول في إنتاج الطاقة في ألمانيا، فالذخائر القديمة في قاع البحر تعرقل بناء المزارع الهوائية في السواحل: "توقعنا في مرحلة التخطيط أن نجد في مسافة 45 كيلومترا حوالي 50 جسما من الضروري فحصها"، كما يقول يان كيلبيل، المدير التقني لقسم إزالة المعدات الحربية في شركة بوسكاليس هيرديس.
أسس منشأة ريفغات أمام جزيرة بوركوم في بحر الشمال
يبحث كيلبيل وزملاؤه حاليا عن الذخائر القديمة في قاع البحر لكابل من
المقرر أن يصل إلى منشأة ريفغات، وهي مزرعة هوائية من المقرر بناؤها أمام
جزيرة بوركوم الواقعة في بحر الشمال. ورغم أن مصممي المنشأة عرفوا أن
الكابل سيمر بإحدى أماكن تفريغ الذخائر الثمانية عشر المحتملة، إلا أنه
اتضح بعد انطلاق الأعمال أن كمية الذخائر كانت أكبر مما توقعوه. "عثرنا في
نهاية المطاف في طريق الكابل على أكثر من 2000 جسم"، كما يقول كيلبيل.
ويضيف "من مجمل 600 جسم تقريبا قمنا بفحصها حتى الآن، كان هناك 350 قنبلة
لم تنفجر".
متفجرات حساسةيقوم كيلبيل وزملاؤه مرة بعد الأخرى بتفجيرات لإبطال مفعول القنابل والألغام الجوية والطوربيدات التي عثروا عليها، وهذا أمر معتاد لإزالة الذخائر القديمة. "المفجرات التي نجدها في هذا النوع من الذخائر، هي حساسة جدا في حالات كثيرة"، كما يقول كيلبيل ويضيف: "لذلك، فإن تحريك الذخائر يعتبر أمرا خطيرا. ولا يبقى أمامنا إمكانية إلا تفجيرها في مكان عثورنا عليها."
إلا أن التفجيرات التي تحدث تحت المراقبة تشكل عبئا ثقيلا للبحر ولسكانه، فبحر الشمال، هو المجال الحيوي لخنازير البحر وكلاب البحر وعجول البحر. "عندما يتم تفجير تحت سطح الماء، فإن ذلك يؤدي إلى موجة ضغط ضخمة تضر بثدييات البحر"، كما يقول بيتير لينا،و مدير قسم كلاب البحر في عيادة الحيوانات التابعة للحديقة الوطنية في منطقة نورددايش. وتتسبب التفجيرات خارج مياه البحر أيضا في مشاكل، وخاصة في فصول معينة بالسنة. "إذا تمت التفجيرات في البحر الضحل خلال أوقات الجزر، فإن ذلك يتسبب في فرقعة شديدة جدا. يمكن بشكل خاص في حزيران وتموز، أي في الفترة التي يترعرع فيها الأولاد من كلاب البحر، أو في كانون الأول وكانون الثاني، أي في الفترة التي يترعرع فيها الأولاد من عجول البحر، يمكن في مثل هذه الفترات أن تؤدي التفجيرات إلى هرب الأمهات من الحيوانات وفصل أولادها عنها."
إجراءات حماية واسعة النطاق
يشير الخبراء إلى أنه يمكن أن تؤدي موجة الضغط المنطلقة من تفجير في محيط بمقدار أربعة كيلومترات إلى إلحاق الضرر بطبلة آذان ثدييات البحر. ويمكن أن يضر تفجير بحاسة السمع لدى الحيوانات حتى في محيط بمقدار عشرة كيلومترات. ولذلك يطالب تحالف من منظمات حماية البيئة، بينها اتحاد حماية الطبيعة الألماني، بإصدار قواعد قانونية إلزامية لكيفية التعامل مع الذخائر القديمة.
أحد كلاب البحر في عيادة الحيوانات التابعة للمحمية الطبيعية الوطنية في منطقة نورددايش
علاوة على ذلك من الضروري أن يتخذ المسؤولون إجراءات شاملة لطرد تلك الحيوانات التي تكون في محيط التفجير لحمايتها. وعليه يتم طرد ثدييات البحر قبل كل تفجير بواسطة إثارة ضوضاء شديدة. ويستخدم أيضا ستار لامتصاص موجة الضغط المنطلقة من التفجير.
مشكلة عالمية
إلا أن الذخائر القديمة، ليست قضية تخص ألمانيا فقط، فعدد متزايد من الدول الواقعة على البحار تفكر في بناء منشآت الرياح في مياهها الساحلية لإنتاج الطاقة. وفي رأي بيرند شيرير من وزارة البيئة في ولاية شليسفيغ ـ هولشتاين، فإن هذه الدول تواجه مشاكل مماثلة. "هذه مشكلة عالمية"، كما يقول شيرير. "لا أعتقد أن الحكومات الأوروبية أو الحكومة الأمريكية مستعدة لتحمل تكاليف إزالة الذخائر في بحار العالم".
يعتقد شيرير أنه سيمضي بعض الوقت قبل صياغة إستراتيجية مشتركة. "سيكون ذلك عملا صعبا. ومن المحتمل الاتفاق على أن إزالة الذخائر القديمة مفيدة فقط في المناطق التي من المقرر تنفيذ مشاريع لتطوير البنية التحتية فيها مثل بناء مزارع هوائية ومد كوابل لنقل الطاقة. وعليه من المحتمل أن تبقى الذخائر في جميع المناطق الأخرى في أماكنها الحالية".
الخبير في أعمال التفجير، يان كيلبيل من شركة بوسكاليس هيرديس، مقتنع بأن دولا كثيرة في منطقة بحر الشمال تتابع عمله الحالي في البحر بدقة، رغم أن السياح على شواطئ بحر الشمال لا يلاحظون سوى القليل من عمله هذا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق