بون: محمد السيد درويش |
الغموض مازال يخيم على تفاصيل مصادر تمويل صفقة المحطات الحرارية المتعاقد عليها مع شركة سيمنز الألمانية مؤخراً على الرغم من أن الوزير المختص حاول الشرح فزاد الغموض!
تحدث د. محمد شاكر وزير الكهرباء والطاقة المتجددة عن أن تحرير سوق الكهرباء في مصر سيوفر سداد التمويل اللازم للمحطات الألمانية العملاقة بقيمة مادية تبلغ 8 مليار يورو؟!
تحرير سوق الكهرباء وبحسب قانون الكهرباء المتوقع صدوره قريباً جداً، قسم السوق إلى سوق منظمة وسوق تنافسية للكهرباء، السوق المنظمة يتم التعامل فيها بين أطراف مرفق الكهرباء، بحسب نص القانون، والمشتركين غير المؤهلين، عكس السوق التنافسية للكهرباء التي توفر الحق للمشترك المؤهل في التعاقد مع شركات الإنتاج أو الموزعين المعتمدين من خلال عقود ثنائية. التمييز بين المشترك المؤهل والمشترك غير المؤهل يعني أن الأول له حق اختيار مورد الكهرباء الذي يراه مناسباً لاحتياجاته الطاقوية في حين أن المشترك غير المؤهل ليس له هذا الحق ويتعامل مباشرة مع مورد بعينه، غالباً حكومي، لا يستطيع الارتباط مع غيره.
بالطبع ستمر فترة انتقالية بين السوق المنظم وصولاً إلى السوق التنافسي. المثير أن المادة 63 من الباب السادس من القانون والمعنون باسم "الفترة الانتقالية وسوق الكهرباء التنافسي" أعطى فترة انتقالية لا تتجاوز ثمان سنوات من تاريخ العمل بهذا القانون للشركة القابضة لكهرباء مصر لتوفيق أوضاعها وأوضاع شركات الانتاج والتوزيع المملوكة لها، على أن يتم العمل بهذا القانون خلال حتى هذه الفترة الانتقالية وبالتنسيق مع الشركة القابضة الأم.
نفس الفترة الانتقالية تضمنت ثلاث سنوات تشترك فيها الشركة القابضة لكهرباء مصر مع المصرية لنقل الكهرباء في إعداد دراسات حول التوسع في الإنتاج والنقل وتنفيذ مشاريع الربط الكهربائي مع الدول الأخرى وإجراء البحوث والاختبارات للمعدات الكهربائية ذات الجهود الفائقة والعالية، المادة 64.
في حين أن المادة 65، من مشروع القانون في صورته النهائية، أشارت إلى ضرورة توثيق الوزارة مع جهاز مرفق الكهرباء والجهات المعنية لإعداد دراسة عن تطوير سوق الكهرباء ليصبح سوقاً تنافسياً مع رفع كفاءة الأداء من خلال المنافسة العادلة داخل السوق وجذب استثمارات في مجال إنتاج الكهرباء، وفتح السوق للمنافسة تدريجياً على مراحل، مع الحفاظ على كفاءة المنظومة الكهربائية.
جهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك سيلعب دوراً محورياً في عمل تقرير دوري عن أداء السوق لضمان حماية المنافسة العادية وتشغيل السوق بكفاءة ومعايير الانتقال من مرحلة إلى أخرى.
إذن تحرير سوق الكهرباء والمنصوص عليه بمدة لا تتجاوز ثمان سنوات يتضمن دوراً لجهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك يكون فيه هو الحكم على متى تبدأ مرحلة انتقالية ومتى تنتهي قبل الانتقال لمرحلة أخرى في مشوار تحرير سوق الكهرباء.
مع إلزام الدولة بإعادة هيكلة المصرية لنقل الكهرباء التي ستقوم بدوراً محورياً هي الأخرى في مجال تشغيل السوق الحر للطاقة الكهربائية.
ما نحاول فعله هنا هو تنفيذ ما تضمنته المادة الثالثة من الباب الثاني حول ضرورة قيام جهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك بإتاحة المعلومات دون تمييز وفي إطار من المساواة وحرية المنافسة.
والبند 15 من المادة الرابعة التي تلزم الجهاز بإتاحة المعلومات والتقارير والتوصيات التي تساعد أطراف مرفق الكهرباء والمستهلكين على معرفة حقوقهم والتزاماتهم.
مشروع قانون الكهرباء يجب أن يحظى بأوسع حوار مجتمعي ممكن كي يأتي بأكبر قدر ممكن من التوافق بين الجهات الحكومية الرسمية والغير رسمية ومنظمات المجتمع المدني التي ستمثل في عضوية مجلس إدارة جهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك لأول مرة في تاريخه. وهي خطوة في الاتجاه الصحيح تظل ناقصة ما لم تحاط بإطار مؤسسي قوي لا يترك حقوق المجتمع المدني لتقديرات متقلبة لجهات حكومية تملك سلطة التشريع و حق تفسير القانون دون رقيب من اصحاب المصلحة، عموم المستهلكين ، مؤهلين وغير مؤهلين.