أشار د.سويلم لما يواجهه العالم من تحديات متزايدة لتوفير إحتياجات المياه وضمان إستدامتها ، وذلك مع إستمرار التطور الإنساني والنمو السكاني المتزايد ، وأنه وفي إطار الجهود المتضافرة لمواجهة تلك التحديات ، فإنه من الضروري عدم التعامل مع المياه وكأنها سلعة إقتصادية ، فالمياه كالهواء ، لا غنى عنها للبقاء الإنساني ، ومن ثم تصبح المياه شرطاً مُسبقا لضمان حق الإنسان في الحياة ، وبالتبعية سائر حقوق الإنسان ، وقد أضاف تغير المناخ مزيداً من التعقيدات التي تواجه مساعي توفير المياه وضمان استدامتها ، ويترتب على ذلك تحديات إضافية أمام الأمن الغذائي ، ما يبرز على وجه خاص في المناطق القاحلة والتي تعاني ندرة مائية.
ولعل مصر خير مثال للدول التي تعاني من هذه التحديات المُرَكَّبة المترتبة على تغير المناخ والندرة المائية ، فمصر هي دولة المصب الأخيرة بنهر النيل ، ومن ثم فهي لا تتأثر فحسب بالتغيرات المناخية التي تجري في حدودها ، وإنما عبر سائر دول حوض النيل بأسره.
ندرة مائية فريدة
كما أن مصر تعاني من وضعية ندرة مائية فريدة من نوعها دولياً ، فمن ناحية تأتي مصر على رأس قائمة الدول القاحلة بإعتبارها الدولة الأقل على الإطلاق من حيث معدل الأمطار بين كافة دول العالم ، ومن ناحية أخرى يبلغ نصيب الفرد من المياه سنوياً نصف حد الفقر المائي ، وتعتمد مصر بشكل شبه مطلق على نهر النيل بنسبة ٩٨% على الأقل لمواردها المائية المتجددة ، وهي الموارد التي يذهب ما لا يقل عن ٧٥% منها للإسهام في إستيفاء الإحتياجات الغذائية للشعب المصري عبر الإنتاج الزراعي ، علما بأن قطاع الزراعة يمثل مصدر الرزق لأكثر من ٥٠% من السكان ، وأخذاً في الإعتبار أن مصر لديها عجز مائي يصل إلى ٥٥% من إحتياجاتها المائية التي تبلغ ١٢٠ مليار متر مكعب ، فإن مصر تقوم بإستثمارات هائلة لرفع كفاءة منظومة المياه لديها تعدت الـ ١٠ مليار دولار خلال الخطة الخمسية السابقة ، كما تقوم بإعادة إستخدام المياه عدة مرات في هذا الإطار ، وتضطر لإستيراد واردات غذائية هائلة بقيمة حوالي ١٥ مليار دولار.
وعلى ضوء ما تقدم .. فإن وجود تعاون مائي فعَّال عابر للحدود يُعد بالنسبة لمصر أمراً وجودياً لا غنى عنه ، ولكي يكون مثل هذا التعاون ناجعاً فإن ذلك يتطلب مراعاة أن تكون إدارة المياه المشتركة على مستوى "الحوض" بإعتباره وحدة متكاملة ، بما في ذلك الإدارة المتكاملة للمياه الزرقاء والخضراء ، كما يتطلب ذلك مراعاة الإلتزام غير الانتقائي بمبادئ القانون الدولي واجبة التطبيق ، لا سيما مبدأ التعاون والتشاور بناء على دراسات وافية ، وهو المبدأ الذي يُعد ضرورة لا غنى عنها لضمان الإستخدام المنصف للمورد المشترك وتجنب الإضرار ما أمكن.
سد النهضة الإثيوبي
واتصالاً بذلك ، تبرز أخطار التحركات الأحادية غير الملتزمة بتلك المبادئ على أحواض الأنهار المشتركة ، والتي يُعد أحد أمثلتها سد النهضة الإثيوبي الذي تم البدء في إنشائه منذ أكثر من ١٢ عام على نهر النيل دونما تشاور ودون إجراء دراسات وافية عن السلامة أو عن آثاره الاقتصادية والاجتماعية والبيئية على الدول المتشاطئة ، وتستمر عملية البناء والملء بل والشروع في التشغيل بشكل أحادي ، وهى الممارسات الأحادية غير التعاونية التي تشكل خرقاً للقانون الدولي بما في ذلك إتفاق إعلان المبادئ الموقع في عام ٢٠١٥ ، ولا تتسق مع بيان مجلس الأمن الصادر في سبتمبر عام ٢٠٢١ ، كما يمكن أن يشكل إستمرارها خطراً وجودياً على ١٥٠ مليون مواطن ، فالبرغم مما يتردد من أن السدود الكهرومائية لا يمكنها أن تشكل ضرراً ، لكن حقيقة الأمر أن مثل هذه الممارسات الأحادية غير التعاونية في تشغيل هذا السد المبالغ في حجمه يمكن أن يكون لها تأثير كارثي ، ففي حالة إستمرار تلك الممارسات على التوازي مع فترة جفاف مطول قد ينجم عن ذلك خروج أكثر من مليون ومائة ألف شخص من سوق العمل ، وفقدان ما يقرب من ١٥ % من الرقعة الزراعية في مصر ، بما يترتب على ذلك من مخاطر ازدياد التوترات الإجتماعية والإقتصادية وتفاقم الهجرة غير الشرعية ، كما يمكن أن تؤدي تلك الممارسات إلى مضاعفة فاتورة واردات مصر الغذائية.
ومع تمسك مصر بروح التعاون والتشاور البناء فيما بين الدول المتشاركة لموارد مائية عابرة للحدود ، فإنها تؤكد على ضرورة عدم الإنجراف إلى إيلاء الأولوية لمكاسب طرف بعينه على حساب خسارة الآخرين ، حيث لن يكون من شأن ذلك إلا تقاسم الفقر بما قد ينجم عن ذلك من توترات ، في حين أن إيلاء الأولوية للتعاون السليم بحسن نية يمكن أن يُفضي بنا وبسهولة إلى تعظيم المكاسب ، ومن ثم تقاسم الرخاء والإزدهار للجميع.
هذا، وتعمل مصر في إطار إستراتيجيتها التعاونية على تعظيم المكاسب الممكنة من الترابط ما بين موضوعات المياه والغذاء والطاقة والمناخ ، سواء على المستوى الوطني أو الإقليمي أو الدولي.
سياسة مائية
فعلى الصعيد الوطني، تبنت مصر سياسة مائية تقوم على الاستخدام الرشيد والمتسم بالكفاءة لمواردها المائية المتجددة مع الإعتماد المتزايد على الموارد المائية غير التقليدية ، وذلك على التوازي مع سياسة غذائية توازن ما بين إنتاج الغذاء وإستيراده لتوفير الأمن الغذائي.
وعلى الصعيد الإقليمي ، تتمسك مصر بأهمية إنتهاج قواعد التعاون الذي يراعي مصالح كل الأطراف ، ومن ثم يشمل كل الأطراف ، وأن يتم في هذا الإطار التشاور بناء على أسس علمية سليمة ، بغرض ضمان تحقيق الإنصاف ، وتجنب الضرر ذي الشأن ، وفى ضوء تشرُف مصر برئاسة مجلس وزراء المياه الأفارقة (الأمكاو) حالياً ، أكد الدكتور سويلم إعتزامه التنسيق اللصيق مع وزراء المياه في أفريقيا لحشد التمويل اللازم لتعزيز البنى التحتية الأفريقية على أسس من المنفعة المشتركة ، وعلى النحو الذي يدعم إيجاد حلول جذرية لما تواجهه القارة الأفريقية من تحديات مائية، كما تستمر تحركات مصر الداعمة لتسليط الضوء على ندرة المياه في المنطقة العربية أيضاً وتضافر الجهود لمجابهتها.
أسبوع القاهرة الخامس للمياه في عام ٢٠٢٢.
أما على الصعيد الدولي، فقد انخرطت مصر في كافة المبادرات الدولية المائية ، وأخصها بالذكر مبادرة السكرتير العام لأنظمة الإنذار المبكر ، ومبادرة التحالف العالمي للمياه والمناخ ، وتعزيز دور الأمم المتحدة في موضوعات المياه ، بما في ذلك من خلال الدعوة لتعيين مبعوث خاص للسكرتير العام لمسائل المياه ، وكذا الدعوة لإيلاء مسائل الندرة المائية أولوية خاصة على الأجندة الأممية من خلال إطلاق "برنامج عمل للأمم المتحدة UN Action Program عن الندرة المائية ، وفقا لما خلُصَ إليه أسبوع القاهرة الخامس للمياه في عام ٢٠٢٢.
كما نوه د.سويلم بأن مصر - خلال رئاستها لمؤتمر المناخ COP27 – تمكنت بالتعاون مع الشركاء الدوليين من وضع المياه في قلب العمل المناخي ، وذلك من خلال عدة أحداث هامة ، تضمنت مائدة مستديرة رئاسية عن الأمن المائي ، وإستضافة جناح خاص للمياه ، ويوم خاص للمياه ، وإطلاق مبادرة المياه والتكيفAction for Water Adaptation and Resilience (AWARe) ، كما تم تتويج تلك الجهود بإدراج المياه للمرة الأولى على الإطلاق في القرار الجامع covering decision الصادر عن مؤتمر المناخ COP27 ، وهو ما نتطلع للبناء عليه بالتنسيق مع دولة الإمارات الشقيقة في إطار التحضير لمؤتمر المناخ القادم COP28.
وفى نهاية كلمته أعرب د.سويلم عن تمنياته بأن ما سيجري في هذا المؤتمر من نقاشات ستخُط سبيلاً واضحاً لتجاوز التحديات الدولية المُرَكَّبة للندرة المائية وتغير المناخ والأمن الغذائي ، وتُرحب مصر بإتخاذ إجراءات فورية لوضع آلية متابعة لضمان تنفيذ الأفكار الطموحة التي ستنتج عن المؤتمر بما يمكننا من حشد الجهود من أجل مستقبل أفضل لأبنائنا والأجيال القادمة.
Dr. Sweilem pointed out the increasing challenges facing the world in meeting water needs and ensuring its sustainability, with the continued human development and increasing population growth. He emphasized that, within the framework of concerted efforts to address these challenges, it is essential not to treat water as an economic commodity. Water, like air, is indispensable for human survival, and therefore becomes a prerequisite for ensuring the human right to life, and consequently, all other human rights. Climate change has added further complexity to efforts to provide water and ensure its sustainability, resulting in additional challenges to food security, particularly in arid regions suffering from water scarcity.
Egypt is perhaps the best example of countries facing these complex challenges resulting from climate change and water scarcity. As the last downstream country on the Nile River, Egypt is not only affected by climate change within its borders, but also across the entire Nile Basin.
Unique Water Scarcity
Egypt also suffers from a unique water scarcity situation internationally. On the one hand, Egypt tops the list of arid countries, having the lowest rainfall rate among all countries in the world. On the other hand, its per capita annual water share is half the water poverty line. Egypt relies almost exclusively on the Nile River, accounting for at least 98% of its renewable water resources. At least 75% of these resources contribute to meeting the food needs of the Egyptian people through agricultural production, noting that the agricultural sector represents the source of livelihood for more than 50% of the population. Considering that Egypt has a water deficit of 55% of its water needs, which amount to 120 billion cubic meters, Egypt is making massive investments to improve the efficiency of its water system, exceeding $10 billion during the previous five-year plan. It also reuses water several times in this context, and is forced to import massive food imports worth approximately $15 billion.
In light of the above, effective transboundary water cooperation is an existential necessity for Egypt. For such cooperation to be effective, it requires consideration of shared water management at the "basin" level as an integrated unit, including the integrated management of blue and green water. It also requires non-selective adherence to applicable principles of international law, particularly the principle of cooperation and consultation based on comprehensive studies. This principle is an indispensable necessity to ensure the equitable use of the shared resource and to avoid harm whenever possible. The Grand Ethiopian Renaissance Dam
Grand Ethiopian Renaissance Dam
In connection with this, the dangers of unilateral actions that do not adhere to these principles are highlighted in shared river basins. One example is the Grand Ethiopian Renaissance Dam, which began construction more than 12 years ago on the Nile River without consultation or adequate safety studies or its economic, social, and environmental impacts on riparian states. Construction, filling, and even operation continue unilaterally. These are unilateral, non-cooperative practices that constitute a violation of international law, including the Declaration of Principles signed in 2015, and are inconsistent with the Security Council statement issued in September 2021. Their continuation could pose an existential threat to 150 million citizens. Despite the assertion that hydroelectric dams cannot cause harm, the reality is that such unilateral, non-cooperative practices in the operation of this exaggerated dam could have a catastrophic impact. If these practices continue, along with a prolonged drought, it could result in the displacement of more than 1.1 million people. The labor market and the loss of approximately 15% of Egypt's agricultural land, which poses the risk of increased social and economic tensions and exacerbating illegal migration, could also double Egypt's food import bill.
While Egypt adheres to the spirit of cooperation and constructive consultation among countries sharing transboundary water resources, it emphasizes the need to avoid prioritizing the gains of one party over the losses of others, as this will only lead to shared poverty and the resulting tensions. Prioritizing sound cooperation in good faith can easily lead to maximizing gains and, consequently, shared prosperity for all.
Thus, within the framework of its cooperation strategy, Egypt is working to maximize the potential benefits from the interconnectedness of water, food, energy, and
climate, whether at the national, regional, or international levels.
Water Policy
At the national level, Egypt has adopted a water policy based on the rational and efficient use of its renewable water resources, with increasing reliance on non-conventional water resources. This is paralleled by a food policy that balances food production and imports to ensure food security.
At the regional level, Egypt adheres to the importance of adopting rules of cooperation that take into account the interests of all parties and, therefore, include all parties. Within this framework, consultations should be based on sound scientific principles, with the aim of ensuring fairness and avoiding significant harm. In light of Egypt's current honor of chairing the African Ministerial Council on Water (AMCOW), Dr. Sweilem affirmed his intention to closely coordinate with African water ministers to mobilize the necessary funding to strengthen African infrastructure on the basis of mutual benefit, in a manner that supports the search for radical solutions to the water challenges facing the African continent. Egypt's supportive efforts also continue to highlight water scarcity in the Arab region and to consolidate efforts to address it.
The Fifth Cairo Water Week in 2022
At the international level, Egypt has engaged in all international water initiatives, most notably the Secretary-General's Early Warning Systems Initiative, the Global Water and Climate Alliance, and the strengthening of the United Nations' role on water issues, including through the call to appoint a Special Envoy of the Secretary-General for Water Issues, as well as the call to prioritize water scarcity issues on the UN agenda through the launch of the UN Action Program on Water Scarcity, in accordance with the conclusions of the fifth Cairo Water Week in 2022.
Dr. Sweilam also noted that Egypt—during its presidency of the COP27 Climate Conference—was able, in cooperation with international partners, to place water at the heart of climate action through several important events, including a presidential roundtable on water security, hosting a special water pavilion, a special water day, and the launch of the Action for Water Adaptation and Resilience (AWARe) initiative. These efforts culminated in the inclusion of water for the first time ever in the overarching resolution issued by the COP27 Climate Conference, which we look forward to. To build on this, in coordination with the sisterly United Arab Emirates, as part of the preparations for the upcoming COP28 climate conference.
At the end of his speech, Dr. Sweilem expressed his hope that the discussions taking place at this conference will chart a clear path to overcoming the complex international challenges of water scarcity, climate change, and food security. Egypt welcomes immediate action to establish a follow-up mechanism to ensure the implementation of the ambitious ideas emerging from the conference, enabling us to mobilize efforts for a better future for our children and future generations.
ENFRWC الشبكة المصرية
أربعة عشر عام مكرسة لخدمة القطاع الناشئ
Years Devoted to serving the RE sector & Water fields Fourteen
More than 211.000 Followers worldwide
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق