كشف التقرير الرسمي لمجلس الشيوخ الأمريكي حول هجمات 11 سبتمبر 2001 (تقرير اللجنة الوطنية حول الهجمات الأرهابية على الولايات المتحدة 2004) أن محمد عطا الذي وجه طائرة بوينج 767 نحو البرج الشمالي لمركز التجارة العالمي، سبق واختار كلا مجمعي محطة الطاقة النووية أنديان بوينت على نهر هوديسون على بعد 40 ميل من منهاتن كهدف محتمل حمل الرمز المشفر – هندسة كهربائية – منفذي العملية الإرهابية استبعدوا الهجوم على المحطة النووية معتبرين أن الطيران باتجاه المحطة النووية سيعرضهم لصواريخ مضادة للطائرات أو طائرات معترضة، فصرفوا النظر عن الهجوم على المحطة النووية. واقع الأمر أن التدابير الأمنية والعسكرية الأمريكية المفترضة حول المحطة النووية الأمريكية لم تتضمن احتمال العمل الإرهابي .. إطلاقاً!!؟؟
في ألمانيا قررت المحكمة الدستورية في فبراير 2006 الرفض القاطع للإسقاط المتعمد لطائرات مدنية تحمل أبرياء في حال الهجوم بها على محطة نووية بالأراضي الألمانية.
المفاعلات النووية هي المنشآت الأكثر كلفة في التأمين ضد الخلل والحوادث في تاريخ الاقتصاد. يرى الخبراء في معاهد بحثية ألمانية أن تراجع الاهتمام العام بقضايا الأمن والسلامة النووي قلل الاهتمام الرسمي بمعايير الأمن والسلامة، خصوصاً مع نجاح الخطاب الإعلامي المؤيد للطاقة النووية والمدعوم من أصحاب المصلحة في تحويل الأنظار والاهتمام العام عن احتمال كارثة أثناء تشغيل المفاعلات النووية. نعم لم تحدث الكارثة وفي نفس الوقت من المستحيل استبعادها. مفاعلات الجيل الرابع المتوقع دخولها الخدمة عام 2045 أصغر حجماً وأكثر جدوى اقتصادياً، لا محصنة ضد الأخطاء.
جدير بالذكر أن الوعي بالكلفة الاقتصادية، خصوصاً في الأسواق الحرة للطاقة الكهربائية، السوق المصري سيتحرر بعد 10 سنوات بحسب تصريحات رسمية، أدى لخفض عدد العاملين بالمنشآت النووية وتقليل فحوصات الأمن والسلامة الدورية، وخفض الوقت اللازم عند القيام بأعمال التفتيش وتبديل الوقود، لخفض النفقات، هذا لا يؤدي قطعاً لزيادة الأمن والسلامة. مع تمديد عمر المفاعلات النووية القائمة حالياً ترتفع احتمالات حدوث أخطاء تتحول إلى كوارث، هناك قائمة بعدد من الحوادث التي لم تتحول لكوارث وإن ظلت نذير شؤم بما قد يحدث لو خرجت الأمور عن التوقعات المحسوبة.
هناك خطر أخر كامن خفي .. بمرور السنوات تتسرب اللامبالاة والغرور إلى المشغلين بالمحطات النووية نتيجة "الروتين" والعادة مما ينعكس بالسلب على ثقافة الأمن والسلامة، مع ضغط خفض النفقات نتيجة للمنافسة سنكون أمام معادلة منذرة بخطر شديد. ثقة عمياء نتيجة الروتين مع تقليل إجراءات الأمن والسلامة لخفض النفقات، مع احتمالات متزايدة لحدوث أعمال إرهابية من المستحيل استبعادها، ومن الخطأ الفادح الادعاء بوجود تأمين كامل ضد احتمالات الأعمال التخريبية المسلحة.
السؤال المائة والحادي والثلاثون: في سنوات التسعينيات أوشك المفاعل النووي في "كرسكو" في سلوفينيا أن يتحول لهدف لهجمات مسلحة .. ماذا كان سيحدث لو حدث الهجوم المحتمل؟
السؤال المائة والثاني والثلاثون: هاجمت إسرائيل المفاعل العراقي إسراق ذو قدرة 40 ميجاوات قبل تشغيله .. هل كانت تل أبيب ستمتنع عن الهجوم عليه في حال تم تشغيله؟
السؤال المائة والثالث والثلاثون: في حرب الخليج 1991 وجه صدام حسين صواريخه من طراز سكود للمفاعل الذري الإسرائيلي في ديمونه.. ماذا لو أصابت صواريخه الهدف القاتل؟
السؤال المائة والرابع والثلاثون: لو حدثت الضربة العسكرية الإسرائلية للمفاعل النووي الإيراني.. ماذا سيكون شكل الخليج العربي بيئياً واجتماعياً واقتصادياً؟
السؤال المائة والخامس والثلاثون: في العالم ثلاثون دولة تستخدم الطاقة النووية بشكل تجاري.. لماذا لم يزد العدد في السنوات الأخيرة مع الادعاء بوجود نهضة نووية؟
السؤال المائة والسادس والثلاثون: هل نجحت الوكالة الدولية للطاقة الذرية المنشأة عام 1957 والحاصلة مع مديرها د. محمد البرادعي على جائزة نوبل للسلام عام 2005 في منع الانتشار النووي؟ لماذا؟
السؤال المائة والسابع والثلاثون: هناك دول استخدمت الطاقة النووية سلمياً ثم اتهجت للاستخدام العسكري مثل كوريا الشمالية التي انسحبت من معاهدة حظر انتشار التسلح النووي عام 2003، لحماية نظامها السياسي القائم من احتمال التغيير من الخارج.. هل يجوز التلاعب بالمشاعر الوطنية لتمرير مشاريع الطاقة النووية؟
السؤال المائة والثامن والثلاثون: هل تستطيع الوكالة الدولية للطاقة النووية مراقبة موجة الانتشار الواسع للمفاعلات النووية، لو حدثت، مع ضعف امكانات التمويل لديها؟
السؤال المائة والتاسع والثلاثون: سؤال متكرر.. في ظل انتشار هجمات ارهابية وحرب أهلية على حدودنا الغربية في ليبيا، هل نملك القدرة على حماية المفاعل النووي المصري المقترح في منطقة الضبعة؟
السؤال المائة والأربعون: هل تمثل الطاقة الكهربائية المولده من الطاقة النووية حلاً لمشكلات التغير المناخي؟
تعقيب واجب:
في حواره المطول مع جريدة الأخبار قبل حوالي أسبوعين وعلى مدار يومين وعلى مساحة 4 صفحات، أشار د. محمد شاكر المرقبي وزير الكهرباء والطاقة المتجددة الى أن الألف ميجا وات من الطاقة الشمسية بالتخزين، لمواجهة تقلبات الطاقة الشمسية، تكلف 4 مليار دولار، وهذا رقم كبير جداً بحسب الوزير المسئول، نفس الوزير أشار إلى أن ألف ميجا وات من الطاقة النووية تكلف 6 مليار دولار وهي أرخص من الطاقة المتجددة في تصريحات سابقة له؟ هل لدى السيد الوزير والوزارة الموقرة تفسيراً لكون الـ 6 مليار دولار طاقة نووية أرخص من الـ 4 مليار دولار طاقة شمسية بالتخزين؟
*صحفي متخصص في شئون الطاقة والمياه
مؤسس الشبكة المصرية للطاقات المتجددة والمياه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق