الاثنين، 16 أبريل 2018

كم زيادة يتحمّلها المواطن حتى تتخلص الحكومة من دعمها للوقود؟ How much does it take for a citizen to get rid of fuel subsidies











صار موسم إعداد ومناقشة الموازنة العامة سببًا في حالة من الترقب من قِبل المواطنين الذين أصبحوا يتوقعون قرارات جديدة تخفض من مستوى معيشتهم مع بداية كل عام مالي، كما حدث على مدار السنوات الأربع الماضية، التي تبنت فيها الدولة سياسات تقشفية.
يبدأ هذا الموسم في أبريل ويستمر حتى إقرار الموازنة في يونيو، وفيه تتنامي الترجيحات حول قيمة الزيادة المتوقعة في أسعار الوقود باعتباره من أهم السلع التي صارت تزيد في هذا الموعد، وأحيانًا تحدث الزيادة أكثر من مرة في العام الواحد.
وفيما لم تنشر الحكومة بعد تفاصيل مشروع الموازنة العامة الذي تسلمه مجلس النواب، فقد نشرت وكالة أنباء «رويترز» بيانات بناءً على وثيقة تمّ الاطلاع عليها، تفيد بأن الحكومة خصصت 89 مليار جنيه لدعم الوقود خلال العام المالي الذي يبدأ في الأول من يوليو المقبل.
ويشير هذا الرقم إلى أول انخفاض فعلي في مخصصات دعم الوقود منذ تعويم الجنيه، التي ارتفعت قيمتها خلال العامين الماضي والجاري، رغم زيادة أسعار الوقود عدة مرات على المواطن خلال تلك الفترة، بكل ما يستتبعها من زيادة لمستوى الأسعار بشكل عام.
 فكم يجب على المستهلك أن يتحمل من زيادات بعد أن ارتفعت أسعار المنتجات البترولية بما يتراوح بين 3 إلى 5 أضعاف خلال السنوات الأربع الماضية؟ يتطلب اتفاق الحكومة مع صندوق النقد الدولي أن تتخلص الحكومة نهائيًا من دعم المواد البترولية بنهاية يونيو 2019، لتبيعها منذ ذلك التاريخ بالسعر العالمي. ولكي تلتزم الحكومة بالإطار الزمني لهذا البرنامج، تحتاج إلى رفع الأسعار ثلاث مرات على الأقل خلال فترة الـ 18 شهرًا المقبلة، بمتوسط 30% إلى 35% في كل مرة، بحسب ما قاله الخبراء لـ «مدى مصر».


 المصدر: وزارة المالية
*115 مليار جنيه هي القيمة المدرجة كختامي مبدئي في تقرير الأداء المالي للنصف الأول من العام المالي الحالي.
**120 مليار جنيه هي القيمة المتوقعة بحسب رويترز
كيف مرت أربع سنوات من تحريك الأسعار؟
زيادة أسعار الوقود للمرة الأولى منذ قيام ثورة 2011، كان واحدًا من أوائل القرارات التي اتخذها الرئيس عبدالفتاح السيسي بعد توليه الرئاسة في عام 2014. وترتب على هذا القرار بداية موجة من التضخم في أسعار المستهلكين وانخفاض لمستوى معيشة الأُسر المصرية، وهي الموجة التي زادت شدتها بعد ذلك بعامين عندما اتفقت الحكومة المصرية مع صندوق النقد الدولي على برنامج اقتصادي مدته ثلاثة أعوام، تلتزم به الحكومة مقابل الحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار.
على إثر هذا الاتفاق تمّ رفع أسعار الوقود مجددًا، كجزء من تحقيق أهداف البرنامج الذي يسعى إلى أن تتخفف الدولة مما تتحمله من عبء مالي بسبب دعمها لأسعار الوقود، بما يمكنها من تحقيق وفورات مالية.
لكن البرنامج تضمن أيضًا تعويم الجنيه والذي أدى إلى خسارة العملة المصرية نصف قيمتها أمام الدولار، بينما تحسب أسعار المنتجات البترولية بالعملة الأمريكية. مما يعني عمليًا أن تكلفتها تضاعفت، وبالتالي خسرت الموازنة الوفورات التي كانت قد تحققت بعد رفع الأسعار على المستهلكين وانخفاض الأسعار العالمية.

المصدر: تصريحات وزير البترول
وتقول سلمى حسين، الباحثة بوحدة العدالة الاقتصادية بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، لـ«مدى مصر»، إن من ضمن أسباب استمرار الحكومة في توجيه دعم كبير جدًا كل سنة للوقود هو أن «تحريك أسعار الطاقة (خلال الأربع أعوام الماضية) كان موجهًا إلى المستهلكين بينما لم يتمّ تحريك أسعار الطاقة الموجهة إلى المنتجين». وتضيف سلمى أن «الدعم يذهب إلى شركات السياحة، والمصانع، والخدمات التجارية، كلهم يتمتعون بدعم سخي جدًا غير معلن».
ويفسر عمر الشنيطي، المدير العام لمجموعة «مالتيبلز» الاستثمارية، لـ«مدى مصر»، ارتفاع الإنفاق على دعم الوقود عن المتوقع، باستقرار قيمة الجنيه أمام الدولار عند مستوى أعلى من 17 جنيهًا للدولار بينما كانت الموازنة تقدر سعر الدولار عند 16 جنيهًا. كما ارتفعت أسعار الوقود العالمية لتتخطى الافتراض المدرج في الموازنة العامة للعام المالي 2017/ 2018.
وتلتزم الحكومة المصرية في إطار اتفاقها مع صندوق النقد على التحرير الكامل لأسعار الوقود خلال فترة محددة، تنتهي في آخر يوليو 2019، بحسب ما يؤكده تقرير المراجعة الثانية الذي أعده صندوق النقد الدولي لتقييم الأداء الاقتصادي لمصر ومدى اتباعها للبرنامج المتفق عليه بينهما.
وبذلك أصبحت الحكومة أمام معضلة، فرفعها لأسعار الوقود لم يحقق لها الوفورات المطلوبة، بل زاد إنفاقها على بند دعم الوقود في الموازنة العامة، وبذلك صار الالتزام بالإطار الزمني للبرنامج الاقتصادي، الذي ينهي دعم الوقود في يوليو 2019، يقتضي منها تحميل المواطن زيادات أكبر في الأسعار خلال في فترة زمنية أقل.
في الشهور المقبلة ماذا نتوقع؟
ولكي تلتزم الحكومة المصرية بالإطار الزمني للبرنامج المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي، تحتاج إلى رفع الأسعار ثلاث مرات على الأقل خلال فترة الـ 18 شهرًا المقبلة، وذلك بمتوسط 30% إلى 35% في كل مرة، بحسب الشنيطي.
ويعني ذلك أنه إذا تمّ تطبيق أول زيادة قبل شهر يوليو المقبل بتلك النسبة سيرتفع لتر بنزين 92 من 5 جنيهات حاليًا إلى نحو 6.5 جنيه، وأن يرتفع سعر السولار خلال الأشهر القادمة من 3.65 جنيه إلى ما يقارب 5 جنيهًا للتر.
ويرى الشنيطي الزيادات الأكبر ستكون من نصيب السولار وبنزين 80، لأن فئات البنزين الأعلى أسعارها مرتفعة بالفعل، وهو ما سينعكس على أسعار السلع والخدمات التي تستهلكها الأُسر المصرية، كما تقول سلمى حسين، حيث تعتمد حركة نقل الركاب والسلع على السولار بنسبة كبيرة.
وتحذر سلمى من أنه إذا تمّ التحرير الكامل في سنة واحدة، سيكون ذلك «قاسيًا جدًا على الناس»، لذلك تتوقع أنه حتى إذا تمّ تنفيذ زيادتين في أسعار الوقود، في يونيو المقبل، ويونيو 2019، فمن المستبعد أن يحدث التحرير الكامل بنهاية العام المالي 2018/2019.
وتستدل سلمى على ذلك بالقيمة المرتفعة للإنفاق على الدعم التي تمّ تخصيصها للعام المالي المقبل، «أولًا، رقم الدعم كبير جدًا على أن يتمّ التخلي عنه بالكامل في سنة واحدة لأن ذلك يتطلب قفزة رهيبة، (وإذا حدث) سيمثل صدمة وليس خفضًا تدريجيًا كما أعلنوا سابقًا».




المصدر: صندوق النقد الدولي
وماذا بعد؟
بحسب تقرير صندوق النقد الدولي، الذي صدر في شهر يناير الماضي متضمنًا نتائج المراجعة الثانية للبرنامج، فإن الالتزام بالإطار الزمني لتحرير أسعار الوقود يكون من خلال تطبيق ما أسمته المؤسسة الدولية بـ «automatic fuel price indexation mechanism» وهي آلية لتسعير المواد البترولية ما بعد رفع الدعم.
وللرد على ما يعنيه تنفيذ آلية أسعار الوقود المرنة، تقول سلمى حسين لـ «مدى مصر» إن ذلك يعني ربط أسعار الوقود في مصر بالأسعار العالمية، من خلال معادلة محددة.
فيما يوضح الشنيطي أن «النظم الخاصة بتسعير المنتجات البترولية، يمكن أن تطبق من خلال منهجين. الأول يكون بالربط بالسعر العالمي، وبالتالي سعر كل منتج يتغيّر بشكل يومي. أما الشكل الثاني، يكون من خلال وضع آلية، يتمّ من خلالها تثبيت الأسعار لكل فترة، لكن مع الحرص على أن تعكس تلك الفترة الأسعار العالمية. وكل فترة تتمّ مراجعة الأسعار التي حُددت لقياس ما إذا كانت مناسبة أم لا».
ويضيف الشنيطي، أن تبني المنهج الثاني في مصر، هو الأرجح حيث أن التغيير بشكل يومي «من المرجح أن يؤدي إلى تذبذب كبير في الأسعار وبالتالي الأوقع هو مراجعة الأسعار كل فترة زمنية».
ويقول تقرير الصندوق إن الحكومة المصرية تعهدت بتطبيق الزيادة المقبلة في أسعار الوقود والآلية الجديدة قبل ديسمبر 2018. لكن الموعد النهائي لتطبيق تلك الآلية سيتمّ تحديده بالتوافق بين الحكومة وصندوق النقد الدولي خلال المراجعة الثالثة للبرنامج. ومن المنتظر أن تزور بعثة من صندوق النقد الدولي مصر خلال شهر مايو المقبل لإجراء تلك المراجعة، بحسب تصريحات رئيس «البعثة» سوبير لال لوفد من الصحفيين المصريين في واشنطن الشهر الماضي.


  
How much does it take for a citizen to get rid of fuel subsidies


The government has allocated 89 billion pounds to support fuel during the fiscal year beginning July 1, according to a report received by Reuters.
This figure is the first actual decrease in fuel subsidies since the pound floated, which has risen in value over the last two years, although the price of fuel has increased several times over the period, with a consequent increase in the overall price level.

The government's agreement with the International Monetary Fund (IMF) requires the government to finally cut off petroleum subsidies by the end of June 2019. Since then, it has been sold at the world price. In order for the government to adhere to the time frame for this program, it needs to raise prices at least three times over the next 18 months, averaging 30% to 35% at a time, experts told Mada Egypt.
As confirmed in the second audit report prepared by the International Monetary Fund to assess the economic performance of Egypt and the extent to follow the program agreed between them.
Thus, the government became embroiled in a dilemma. Its increase in fuel prices did not achieve the required savings, but increased its spending on the fuel subsidy item in the public budget. Thus, the commitment to the time frame of the economic program, which ends fuel subsidies in July 2019, During in a shorter period of time.

The IMF report says the Egyptian government has pledged to implement the next increase in fuel prices and the new mechanism before December 2018. But the deadline for implementation of this mechanism will be determined by consensus between the government and the IMF during the third review of the program






ليست هناك تعليقات: