الأربعاء، 22 أبريل 2015

هيئة تنمية واستخدام الطاقة المتجددة ليست سمسار أراضي (الحلقة الرابعة)



كتب : محمد السيد درويش


علق بعض المستثمرين على الحلقة الماضية متسائلين حول ما يجب طرحه من مواضيع وتوقيتها وارتباطها بمجريات سوق الطاقة الأن وخصوصاً موضوع/ قضية الـ PPA أو اتفاق شراء الطاقة بين منتج الطاقة الخضراء وشركة نقل الكهرباء المملوكة للدولة، والمستقلة عن القابضة لكهرباء مصر، حسب أحدث التعديلات التشريعية بهذا الخصوص، وبحسب القيمة المادية المنصوص عليها في التعريفة المميزة المصرية FIT.
  اتفاق شراء الطاقة سيرسم ملامح سوق الطاقة في مصر لسنوات قادمة بتحديد شروط وضوابط وقواعد البيع والشراء، وصلاحيات الجهة الرقابية جهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك. ودور هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة، وتساؤلات حول حالات الإخلال بالعقد مثلاً، وأسئلة أخرى مهمة ستكون مرجعيتها الفكرية والسياسية والاقتصادية محل عناية فائقة من المستثمرين الـ 136، أصحاب مشاريع الطاقات المتجددة، شمسية ورياح.
بعبارة أخرى "سؤال الأسئلة" الجهة الواضعة للـ PPA سترى المستثمر/ شريكاً كامل الأهلية، أم طرفاً يجب عليه التوقيع على عقد إزعان كمشتبه به؟ بالطبع باسم مصلحة الدولة في الهيمنة على قطاع الطاقة الحيوي، هيمنة تلغي حرية السوق وتتعارض مع آلياته، حتى وهي دولة فاشلة في توفير الطاقة المطلوبة بمفردها وعاجزه عن تغطية الطلب المتزايد على الطاقة بحسب مراقبي السوق. مع شيوع ظاهرة الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي حتى في أيام الشتاء. وقيام وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة بشراء محطات تقليدية بتمويل لا تملكه ووقود لا تضع يدها عليه وبتكلفة لا تقدر عليها الأن ولن تقدر عليها مستقبلاً؟!
 ممثل الدولة هنا جهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك المنشأ بقرار جمهوري رقم 339 لسنة 2000 وحدود دوره مقابل دور هيئة تنمية واستخدام الطاقة المتجددة المنشأ بقانون رقم 102 لسنة 1986.
  المرفق هنا وبحسب بعض "مسودات" اتفاق الـ PPA نظرت للمستثمر المحتمل "كمشتبه به" من ناحية نواياه وأداءه وأهدافه من الاستثمار فسعت للتضييق عليه وفرض القيود لشل حركته الاستثمارية باسم سيطرة الدولة/ المرفق الذي طغى دوره بحسب بعض المسودات على دور هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة المسئولة قانوناً عن مشاريع الطاقات المتجددة. وهي بحسب أحد المسودات المتداولة تحت وصاية المرفق ودائماً باسم مصلحة الوطن، لتكون في أحسن أحوالها سمسار أراضي يتولى عملية التخصيص وأيضاً بقواعد وشروط وضوابط المرفق المتحكم.
 بالطبع لا غنى عن فكرة الجهة الرقابية والمشرفة التي يحتكم إليها طرفي السوق، البائع والمشتري عند الخلاف، من الظلم اعتبار الحديث هنا معارضة للمبدأ الرقابي ورفض لمضمون الإشراف وشكله عموماً، المعارضة هنا للإفراط في ممارسة الدور الرقابي ونوعية الهدف منه لجهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك وتعدي دوره من ضبط السوق إلى جعل السوق كله وسيلة لإرضاء أهداف المرفق في السيطرة والهيمنة باسم مصلحة البلد.
  بالطبع سيحقق المستثمر في قطاع الطاقة المتجددة المصرية ربحاً مجزياً أعلى من الربح المحقق في ألمانيا الذي يتراوح هناك من 5 إلى 7% على رأس المال، لكن لطبيعة السوق المصري النامي والساعي لتحقيق طفرة نوعية سريعة فالعائد هنا سيتخطى 15% في المحطات الكبيرة. الربح المتوقع لا يبرر ولا يبيح التعطيل والتقييد القائم باسم مصلحة السوق التي لا يعلمها سوى مسئولي جهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك.
 الأمانة العلمية والفنية تقتضي الإشارة إلى أن الدور المتحكم للمرفق هو واجهة لفكر الوزارة نفسها والحكومة التي ترفض حرية السوق في مضمون مفهوم التعريفة المميزة نفسها.
 حسب القواعد الكلاسيكية للتعريفة المميزة، كان يجب وضع سعر التعريفة المميزة، السعر المسبق لشراء الطاقة المتجددة، وترك السوق يحدد الكمية المطلوبة أياً تكن وخصوصاً أن البلاد تشكو من نقص حاد في الطاقة ونقص أكثر حدة في وقود المحطات التقليدية. الذي حدث أن وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة المصرية وضعت السعر والكمية المطلوبة في خلط متعمد لمفهومي التعريفة المميزة FIT ونموذج الكوتة/ الحصة المحددة Quota هكذا حدثتنا التجربة الألمانية. الأمل كبير في أن يأتي اتفاق الشراء PPA متوازناً بين مصالح المستثمرين ومصالح سوق الطاقة الحرة المصرية وبرعاية غير بيروقراطية/ إدارية من جهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك.. يتجدد الحديث بعد توقف مؤقت لداعي السفر خارج البلاد.. شكراً.



   * صحفي متخصص في شئون الطاقة والمياه
مؤسس الشبكة المصرية للطاقات المتجددة والمياه



ليست هناك تعليقات: