المحركات الكهربائية بانتظار "ثورة" في الطاقة النظيفة
يرى الخبراء أن عصر سيارات البنزين والديزل لم يصبح بعد على شفا
الانقراض، فتطوير محركات الاحتراق الداخلي لتكون أكثر ملائمة للبيئة في
انتعاش مستمر، وهو ما يضع علامة استفهام حول اعتبار السيارات الكهربائية
سيارات للمستقبل.
يبدو
أن الهالة الإعلامية حول المحركات الكهربائية في طريقها إلى الزوال، فقبل
أكثر من 3 سنوات عزمت ألمانيا على أن تكون البلد الرائد في إنتاج وتسويق
السيارات الكهربائية. لكن أجواء التفاؤل بالسيارات الكهربائية بدأت تخبو.بعكس ذلك، يشهد تطوير سيارات محركات الاحتراق الداخلي انتعاشاً ملحوظاً. يبدو جلياً ربما في الصورة أدناه، إذ يقبّل رئيس شركة فورد ألان مولالي محرك بنزين في مصنع الشركة بمدينة كولونيا الألمانية.
البحث مستمر لتطوير وقود لمحركات الاحتراق الداخلي بحيث يكون أقل ضرراً بالبيئة
يضيف أولريش هاكنبرغ قائلاً: "لكن في المقابل، لا يزال لتطوير محركات الاحتراق الداخلي التقليدية مستقبل واعد، وخاصة في ظل البحوث الجارية لتطوير وقود بيئي، بحيث لا ينبعث من محركات الاحتراق الداخلي غاز ثاني أكسيد الكربون الضار بالبيئة". أما الخبير النمساوي والأستاذ في جامعة فيينا للتكنولوجيا فريتز إندرا فيذهب إلى أبعد من ذلك، إذ يرى أن هناك وسائل للحد من استهلاك الوقود الأحفوري في المحركات التقليدية. ويعتمد فريتز إندرا في رأيه هذا على مسيرة عمله الطويلة لدى شركات صناعة السيارات الشهيرة مثل بي إم دبليو وألبينا وأودي وأوبل وجنرال موتورز التي شغل فيها مناصب رفيعة.
جانب من معرض بكين الدولي للسيارات 2012
يقول
فريتز إندرا بهذا الشأن: "إن أفضل شيء قدمته صناعة السيارات الكهربائية
لقطاع سيارات الاحتراق الداخلي هو أن المهندسين أصبحوا يشعرون بالمسؤولية
الملقاة على عاتقهم. إذ أصبحوا أكثر وعياً والتزاماً بالبيئة، وباتوا
ينكبّون على تطوير تقنيات مراعية للبيئة في محركات الاحتراق الداخلي: مثل
نظام إيقاف بعض أسطوانات المحرّك تلقائياً عند عدم الحاجة إليها وتقنية
إطفاء المحرك وتشغيله بشكل أوتوماتيكي ونظام التقليل من استهلاك الوقود
الباعث للغاز الضار وتقنيات العوادِم المدمجة في السيارات المخففة
لانبعاثه. فهذه التقنيات تتطور بشكل أسرع مما نتصور".خفض استهلاك الوقود يعني تقليص الانبعاثات الغازية
محرك هجين من شركة تويوتا
تحقيق ذلك ممكن من الناحية التقنية كما يقول هورست شنايدر عضو مجلس إدارة مؤسسة المراقبة التقنية الألمانية TÜV، ولكنه يرى أن تلك هي الحدود الدنيا التي يمكن لمحركات الاحتراق الداخلي العمل وفقها. ويضيف شنايدر في هذا السياق قائلاً: "أرى أنه على المدى المستقبلي المتوسط، من المؤكد أنه لن يمكن تخفيض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بأقل من 70 غراماً لكل كيلومتر في سيارات الاحتراق الداخلي. وبالتالي فأنا مقتنع جداً بأنه على المدى المتوسط لن يمكن الاستغناء عن السيارات الكهربائية من أجل أغراض معينة ومحددة".
سيارة جيب Jeep صينية
للسيارات الكهربائية العديد من نقاط الضعف ولكن السيارات الكهربائية لديها العديد من نقاط الضعف حتى الآن: فالبطارية المخزِّنة للكهرباء مكلفة للغاية، كما أن هذا النوع من السيارات يسير لمسافات قصيرة نسبياً، ثم أنّ أوقات شحن البطارية طويلة. شركات إنتاج السيارات الكهربائية الكبرى تستند، من ناحية أخرى، إلى الدراسات التي تشير إلى أن مسافة قيادة السيارات اليومية بشكل عام لا تتجاوز 40 كيلومتراً في المتوسط. ومن السهل تغطية هذه المسافة بواسطة السيارات الكهربائية كما يقول أنصار المحركات الكهربائية. كما يمكن شحن بطاريات السيارة الكهربائية بالطاقة ليلاً.
وزير المواصلات الألماني بيتر رامزاوار إلى جانب سيارة كهربائية
المحركات الكهربائية بانتظار "ثورة" في الطاقة النظيفة
من جهة أخرى، تتطلب السيارات الكهربائية شحنها بالطاقة الكهربائية التي يتم توليدها حالياً في الغالب الأعم من الوقود الأحفوري مثل الفحم والنفط، وبالتالي فإن الاختلاف حالياً ليس كبيراً من الناحية البيئية: فيما إذا استخدم المرء محركات الاحتراق التقليدية أو المحركات الكهربائية. في رأي خبير المحركات فريتز إندرا فإنه من المهم أولاً أن يشهد العالم "ثورة في الطاقة" النظيفة وفي توليد الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
سيارة آي ثلاثة من بي إم دبليو في معرض بكين الدولي للسيارات 2012
يقول
فريتز إندرا بهذا الشأن: "أنا لا أفهم النقاش الراهن الدائر حول السيارات
الكهربائية وطاقتها الخضراء. فلا علاقة لهذه بتلك حالياً، لأن الطاقة
الكهربائية لا يزال يتم توليدها غالباً من مصادر أحفورية". ويتابع حديثه
قائلاً: "لن تلعب السيارات الكهربائية أي دور في الحفاظ على البيئة إلا إذا
تم توليد الطاقة الكهربائية بالكامل من مصادر خضراء ونظيفة. حينها فقط
ستكون السيارات الكهربائية مجدية. وحتى ذلك الحين لن يكون للسيارات
الكهربائية أي جدوى في مجال الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون". في ألمانيا تمّ مؤخراً السماح بإطلاق حوالي 43 مليون سيارة، منها 4500 سيارة كهربائية فقط. وفقا لخبراء متخصصين فمن المتوقع أن تبلغ حصة السيارات الكهربائية ثلاثة في المائة عام 2020 من إجمالي السيارات في جميع الأسواق العالمية.
http://www.dw.de/dw
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق